قوله: ﴿ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ ﴾ أي حلوها مرها، طيبها ورديئها. قوله: (وإن توعرت) أي صعبت. قوله: (ولا تضلي) معطوف على قوله: (فلا تعسر عليك). قوله: (أي منقادة لما يراد منك) أي ممتثلة، ولذا يقسم يعسوبها أعمالها بينها، فالبعض يعمل الشمع، والبعض يعمل العسل، والبعض يأتي بالماء ويصبه في البيت، والبعض يبني البيوت. قوله: ﴿ شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ ﴾ أي ما بين أبيض وأصفر وأحمر، وغير ذلك من ألوان العسل، واختلف في سبب اختلاف ألوانه، فقيل بسبب اختلاف المرعى، وقيل بسبب اختلاف سن النحل، فالأبيض لصغيرها، والأصفر لكهلها، والأحمر لمسنها، ورد هذا بأنه لا دليل عليها. قوله: (قيل لبعضها) أي الأوجاع، كالبلغم والبرودة وباقي الأمراض الباردة. قوله: (أو لكلها) أي الأوجاع جميعها، فالأمراض التي شأنها البرودة هو نافع لها بنفسه، والأمراض التي شأنها الحرارة، ينفع فيها مضموماً لغيره، ولذلك تجد غالب المعاجين لا تخلو منه. قوله: (أقول وبدونها بنيته) أي بنية الشفاء الجازمة، أن الله يخلق الشفاء عند استعماله، لاخباره تعالى بذلك، فتحصل أن في قوله تعالى: ﴿ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ ﴾ أقوال ثلاثة: قيل شفاء لبعض الأوجاع التي شأنها البرودة، وقيل لجميعها، لكن في الأمراض الباردة يستعمل خالصاً، والحارة يستعمل مشوباً بغيره، وقيل شفاء لجميعها، لكن في الأمراض الباردة يستعمل خالصاً، والحارة يستعمل مشوباً بغيره، وقيل شفاء لجميعها بالنية في كل ولكل أحد، ولذا روي عن ابن عمر، أنه كان لا يشكو قرحة ولا شيئاً، إلا جعل عليها عسلاً، حتى الدمل إذا خرج، طلى عليه عسلاً، وحكى النقاش عن أبي وجرة، أنه كان يكتحل بالعسل، ويتنشق بالعسل، ويتداوى بالعسل. قوله: (وقد أمر به صلى الله عليه وسلم) الخ قد اقتصر المفسر الحديث ونصه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:" جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي استطلق بطنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسقه عسلاً، فسقاء ثم جاءه فقال: سقيته عسلاً، لم يزده إلا استطلاقاً، فقال له ثلاث مرات، ثم جاءه الرابعة فقال: اسقه عسلاً، فقال: سقيته فلم يزده إلا استطلاقاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق الله وكذب بطن أخيك، فسقاه فبرأ "، ولا عبرة باعتراض الملحدين الذين في قلوبهم مرض على هذا الحديث حيث قالوا: إن الأطباء مجمعون على أن العسل مسهل، فكيف يوصف لمن به الإسهال، لأن الإسهال يكون من أنواع كثيرة، منها الإسهال الحادث من التخم والأخلاط، وقد أجمع الأطباء على أن علاجه بالمعين على الإسهال، إذ حبس الطبيعة مضر فهذا الحديث محمول على ذلك، ولذا نفعه آخراً، حين نظفت المعدة، وخلصت من الغش. قوله: ﴿ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً ﴾ أي دلالة على وحدانية الصانع الحكيم القادر.


الصفحة التالية
Icon