قوله: ﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ ٱللَّهِ ﴾ أي وهي ما تقدم من أول السورة إلى هنا من النعم العظيمة، بأن يقرونها من عند الله، ولا يصرفونها في مصارفها. قوله: ﴿ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا ﴾ أتى بثم إشارة إلى أن إنكارهم مستبعد بعد المعرفة، لأن من عرف النعمة، فحقه أن لا ينكرها بعد ذلك. قوله: ﴿ وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْكَافِرُونَ ﴾ أي يموتون كفاراً، وأقلهم يهتدي للإسلام، فإن أكثر صناديدهم مات كافراً والأقل منهم أسلم. قوله: ﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ ﴾ ﴿ وَيَوْمَ ﴾ منصوب بفعل محذوف قدره المفسر بقوله: (اذكر)، والمعنى: اذكر يا محمد لقومك، يوم نجعل لكل أمة شهيداً، أو المراد بالبعث الإحياء، أي يوم نحيي من كل أمة شهيداً، والأول أقرب. قوله: (يشهد عليها) أي بالتكذيب والكفر، وقوله: (ولها) أي بالتصديق والإيمان. قوله: (وهو يوم القيامة) أي لأنه ورد: أنه يؤتى بالأمم الماضية وأنبيائهم، فيقال للأنبياء: هل بلغتم أممكم؟ فيقولون: نعم بلغنا، فيقال للأمم: هل بلغكم رسلكم؟ فيقولون: يا ربنا ما جاءنا من نذير، فيؤتى بالأمة المحمدية، فتشهد للأنبياء بالتبليغ، وعلى الأمم بالتكذيب، فتقول الأمم: من أين أتى لكم ذلك، وأنتم آخر الأمم؟ فيقولون: أخبرنا نبينا بذلك عن ربنا، وهو صادق عن صادق، فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيزكي أمته، فحين يقول: يا رب قد بلغتهم تنقطع حجتهم، فهو مخصوص بأنه مقبول الشهادة، من غير مزك له. قوله: ﴿ ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ اختلف في متعلق الإذن المنفي، فقال المفسر في الاعتذار، ويدل له قوله تعالى﴿ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴾[المرسلات: ٣٦] وقيل لا يؤذن لهم في كثرة الكلام، وقيل في الرجوع إلى الدنيا والتكليف، وقيل في التكلم وقت شهادة الشهود، بل يسكتون وقتها، ولا يقدر أحد منهم على التكلم إذ ذاك. قوله: ﴿ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾ أي لا تزال للسلب، نظير الهمزة في أعذر إليه على ألسنة المرسلين. قوله: (إلى ما يرضي الله) أي من الرجوع إلى الدنيا والعبادة فيها. قوله: ﴿ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ ﴾ أي فهم لا يخفف عنهم، وإنما احتيج لتقدير المبتدأ، لصحة دخول الفاء، لأن الفعل المضارع الصالح لمباشرة الأداة لا يقرن بالفاء، فاحتيج لجعلها جملة اسمية لوجود الفاء. قوله: ﴿ ٱلْعَذَابَ ﴾ تفسير للضمير المستتر في الفعل.


الصفحة التالية
Icon