قوله: ﴿ مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ ﴾ أي اعتقادكم. والمعنى لو كنتم أشياء يعظم في اعتقادكم قبولها الحياة، لكونها بعيدة منها، لأحياكم الله، إذ القادر لا يعجزه شيء. قوله: ﴿ قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ ﴾ أي يعيدكم الذي فطركم. قوله: (بل هي أهون) أي لأن البدء لم يكن على مثال سابق بخلاف الإعادة، وذلك بالنظر لعقولنا وأفعالنا، وإلا فالبدء والإعادة بالنسبة إليه تعالى على حد سواء، فخلق الجبل العظيم عنده مساو لخلق الذرة، قال تعالى:﴿ مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾[لقمان: ٢٨].
قوله: ﴿ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ ﴾ يقال نغض الشيء تحرك، وأنغض رأسه حركه، كالمتعجب من الشيء. قوله: ﴿ أَن يَكُونَ قَرِيباً ﴾ هو في محل نصب خبر عسى على أنها ناقصة، واسمها ضمير يعود على البعث، أو في محل رفع فاعل بها على أنها تامة. قوله: ﴿ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ ﴾ ظرف لقوله: ﴿ قَرِيباً ﴾.
قوله: (على لسان إسرافيل) هو أحد قولين، والآخر أن المنادي جبريل، والنافخ إسرافيل، وصورة النداء أنه يقول: أيتها العظام البالية، والأوصال المتقطعة، واللحوم المتمزقة، والشعور المتفرقة، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء. قوله: (فتجيبون) أي تبعثون. قوله: ﴿ بِحَمْدِهِ ﴾ حال من الواو في تستجيبون، أي تجيبونه حال كونكم حامدين له على ذلك، لما قيل: إنهم ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون سبحانك اللهم ولحمدك. قوله: (بأمره) تفسير آخر لمعنى الحمد هنا وعليه فالباء سببية. قوله: (وقيل وله الحمد) أي لما ورد أنهم يقولون نعم وله الحمد، وهو إخبار عن جميع الخلق، مؤمنهم وكافرهم، فالمؤمنون يحمدون الله شكراً على ما أولاهم من النعم، والكفار يحمدونه رجاء أن ينفعهم ذلك الشكر، وهو لا ينفعهم، وقيل هو في خصوص المؤمنين. قوله: (في الدنيا) أي أو في القبور، لأنهما من جملة عمر الدنيا. قوله: ﴿ يَقُولُواْ ﴾ مجزوم في جواب الأمر. قوله:﴿ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾[الإسراء: ٣٤].
أي ولا يغلظوا عليهم؛ فإن ذلك داع إلى الشر، كأن يقولوا لهم: إنكم من أهل النار ومن الأشقياء، وغير ذلك. قوله: ﴿ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ ﴾ الخ، تعليل لمفهوم. قوله: ﴿ يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ كأنه قال: ولا يقولوا غيرها مما ينفر النفوس، لأن الشيطان، الخ. قوله: ﴿ بَيْنَهُمْ ﴾ أي بين المؤمنين والمشركين. قوله: (يفسد) ﴿ بَيْنَهُمْ ﴾ أي لأن الاغلاظ عليهم، ربما يثير العناد، ويؤدي لزيادة الفساد. قوله: (هي) ﴿ رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ ﴾ الخ، أي وما بينهما اعتراض. والمعنى ربكم أعلم بعاقبة أمركم. قوله: (بالتوبة والإيمان) أي بسببهما. قوله: ﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ﴾ أي وما جعلنا أمرهم موكولاً لك، بل ليس عليك إلا البلاغ، فدارهم ومر أصحابك بتحمل أذاهم. قوله: (وهذا قبل الأمر بالقتال) أي فهو منسوخ بآية﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾[التوبة: ٧٣] ومقتضى العلة، أنه حيث أدى الاغلاظ إلى زيادة الفساد، وجب تركه في أي زمن.