قوله: ﴿ قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ ﴾ اللام موطئة لقسم محذوف، وجوابه قوله: ﴿ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ﴾ ولم يقل والملائكة، مع أنه معجز لهم أيضاً، لأنهم مسلمون منقادون، فلا يحتاج للرد عليهم. قوله: ﴿ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ﴾ أي لأنه خارج عن طوق البشر، لأن الكلام على حسب علم المتلكم، وهو قد أحاط بكل شيء علماً، وقوله: ﴿ بِمِثْلِهِ ﴾ أي كلا أو بعضاً، قال بعضهم: إن أقل الإعجاز يقع بآية، قال البوصيري: أعجز الجن آية منه والإنس فهلا تأتي به البلغاءوقال بعضهم: إن أقل الإعجاز يكون بأقصر سورة، لأنه لم يكن في القرآن آية مفردة، بل الآية تستلزم مناسبة لما قبلها وما بعدها، فتكون ثلاث آيات. قوله: ﴿ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ ﴾ الخ، عطف على محذوف تقديره: لا يأتون بمثله، ولو لم يكن بعضهم لبعض ظهيراً، ولو كان الخ (قوله نزل رداً) الخ مرتبط بما قبله. قوله: ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا ﴾ أي كررنا وأظهرنا، ومن زائدة في المفعول، أي صرفنا للناس كل مثل، والمثل المعنى الغريب. قوله: ﴿ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ ﴾ أي امتنعوا. قوله: (جحوداً للحق) الجحود الإنكار مع العلم والمعاندة، فهو أخص من مطلق إنكار. قوله: ﴿ وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ ﴾ الخ، لما أقام الحجة عليهم ولم يستطيعوا ردها، أخذوا يطلبون أشياء على وجه العناد فقالوا ﴿ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ ﴾ الخ، روى عكرمة عن ابن عباس،" أن نفراً من قريش اجتمعوا بعد غروب الشمس عند الكعبة، وطلبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءهم، فقالوا: يا محمد، إن كنت جئت بهذا الحديث، يعنون القرآن، تطلب به مالاً، جمعنا لك من أموالنا، حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد الشرف سودناك علينا؛ وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي بك رئياً من الجن تراه قد غلب عليك لا تستطيع رده، بذلنا لك أموالنا في طلب الطب حتى نبرئك منه، وكانوا يسمون التابع من الجن رئياً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بي شيء مما تقولون، ولكن الله بعثني إليكم رسولاً، وأنزل علي كتاباً، وأمرني أن أكون بشيراً ونذيراً، فبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم، فإن تقبلوا مني، فهو حظكم من الدنيا والآخرة، وإن تردوه عليّ، أصبر لأمر الله عز وجل، حتى يحكم الله بيني وبينكم، فقالوا: يا محمد، إن كنت صادقاً فيما تقول، فسل لنا ربك الذي بعثك فليسير عنا هذا الجبل الذي قد ضيق علينا، ويبسط لنا بلاداً، ويفجر لنا فيها الأنهار "، إلى آخر ما قص الله عنهم. قوله: ﴿ حَتَّىٰ تَفْجُرَ ﴾ بضم التاء وفتح الفاء وتشديد الجيم مكسورة، وبفتح التاء وضم الجيم مخففة، قراءتان سبعيتان هنا فقط، وأما قوله فتفجر، فبالقراءة الأولى لا غير. قوله: ﴿ يَنْبُوعاً ﴾ أي عيناً لا يغور ماؤها ولا يذهب. قوله: ﴿ جَنَّةٌ ﴾ أي بستان. قوله: ﴿ كَمَا زَعَمْتَ ﴾ أي قلت: إن نشأ نخسف بهم الأرض، أو نسقط عليهم كسفاً من السماء. قوله: ﴿ كِسَفاً ﴾ بسكون السين وفتحها، قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ قَبِيلاً ﴾ حال من الله والملائكة، أي حال كونهم مرئيين لنا.