قوله: ﴿ وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ ﴾ أي من يخلق فيه الهدى، وقوله: ﴿ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ ﴾ أي يكون كذلك في الدنيا، بمعنى أنه يكون حاله في الدنيا مطابقاً لما قدره الله له أزلاً، وبذلك اندفع ما يقال: إن فيه اتحاد الشرط والجزاء، والمهتد بحذف الياء من الرسم هنا وفي الكهف، فإنها في الموضعين من ياءات الزوائد، وأما في النطق، فتحذف وصلاً ووقفاً عند بعض القراء، ووقفاً لا وصلا عند بعضهم. قوله: ﴿ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ ﴾ أي أنصاراً. قوله: ﴿ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ﴾ الجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من الهاء في ﴿ وَنَحْشُرُهُمْ ﴾ قدره المفسر بقوله: (ماشين)، روي عن أنس،" أن رجلاً قال: يا رسول الله، قال الله: الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم، أيحشر الكافر على وجهه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا، قادراً على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة "؟ وروي أيضاً:" يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف: صنفاً مشاة، وصنفاً راكباً، وصنفاً على وجوههم، قيل يا رسول الله، وكيف يمشون على وجوههم؟ قال: " إن الذي أمشاهم على أقدامهم، قادر أن يمشيهم على وجوههم، أما إنهم يلقون بوجوههم كل حدب وشوك "والحدب ما ارتفع من الأرض. قوله: ﴿ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً ﴾ أي لا يبصرون ولا ينطقون ولا يسمعون، إن قلت: كيف وصفهم الله بذلك هنا، وأثبت لهم ضد تلك الأوصاف في قوله:﴿ وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ ﴾[الكهف: ٥٣]،﴿ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً ﴾[الفرقان: ١٣]،﴿ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً ﴾[الفرقان: ١٢]؟ أجيب: بأن المعنى عمياً لا يرون ما يسرهم، وبكماً لا يتكلمون بحجة، وصماً لا يسمعون ما يسرهم، أو المعنى يحشرون معدومي الحواس، ثم تعاد لهم. قوله: ﴿ مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ﴾ أي مسكنهم ومقرهم. قوله: ﴿ كُلَّمَا خَبَتْ ﴾ أصله خبوت كقعدت، تحركت الواو، وانفتح ما قبلها، قلبت الفاً، فالتقى ساكنان، حذفت الألف لالتقائهما. قوله: (سكن لهبها) أي بأن أكلت جلودهم ولحومهم. قوله: ﴿ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً ﴾ أي بدلناهم جلود غيرها، فتعود ملتهبة متسعرة. قوله: ﴿ ذَلِكَ ﴾ أي ما ذكر من أن مأواهم جهنم، وإعادتهم بعد فنائهم. قوله: ﴿ وَقَالُواْ ﴾ معطوف على ﴿ كَفَرُواْ ﴾.
قوله: ﴿ خَلْقاً جَدِيداً ﴾ إما مصدر من معنى الفعل، أو حال أي مخلوقين. قوله: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ ﴾ رد لإنكارهم البعث. قوله: ﴿ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ ﴾ أي فلا يستبعد عليه إعادتهم بأعيانهم. قوله: (أي الأناسي) جمع إنسي وهو البشر. قوله: ﴿ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً ﴾ معطوف على جملة ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ ﴾ فليس داخلا في حيز الإنكار. قوله: ﴿ لاَّ رَيْبَ فِيهِ ﴾ أي لا شك في ذلك الأجل. قوله: ﴿ قُل ﴾ لهم) أي شرحاً لحالهم التي يدعون خلافها حيث قالوا﴿ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا ﴾[الإسراء: ٩٠] الخ، أي لأجل أو ننبسط ونتسع في الرزق ونوسع على المقلين، فبين الله لهم، لأنهم لو ملكوا خزائن الله، لداموا على بخلهم وشحهم. قوله: ﴿ لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ ﴾ يجوز أن المسألة من باب الاشتغال، و ﴿ أَنْتُمْ ﴾ مرفوع بفعل مقدر، يفسره الظاهر لأن لو لا يليها إلا الفعل ظاهراً أو مضمراً، والأصل لو تملكون، فحذف الفعل لدلالة ما بعده عليه، فانفصل الضمير وهو الواو. قوله: ﴿ إِذاً لأمْسَكْتُمْ ﴾ أي منعتم حق الله فيها. قوله: ﴿ خَشْيَةَ ٱلإِنْفَاقِ ﴾ علة للإمساك. قوله: (بخيلاً) أي ممسكاً عن بذل ما ينبغي فيما ينبغي، فالأصل في الإنسان الشح، والخارج عنه خالف أصله كما قال تعالى:﴿ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ ﴾[التغابن: ١٦].


الصفحة التالية
Icon