قوله: ﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ ﴾ هو بفتح التاء خطاب لفرعون، أي فقال له موسى: يا فرعون والله لقد علمت أن هذه الآيات، ما أنزلها إلا رب السماوات والأرض عبراً، وإنما عناد، خوفاً على ضياع ملكك ورياستك. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً، وقوله: (بضم التاء) أي والضمير لموسى، ويكون المعنى: لقد أيقنت وتحققت أن هذه الآيات التي جئت بها، منزلة من عند الله تعالى. قوله: ﴿ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ ﴾ أي أتحققك وعبر بالظن مشاكلة، فإن ظن فرعون كذب، وظن موسى حق وصدق لظهور أماراته. قوله: (أو مصروفاً عن الخير) أي ممنوعاً منه. قوله: (يخرج موسى وقومه) أي بقتلهم جميعاً. قوله: ﴿ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً ﴾ أي ففعلنا بهم ما أرادوه بموسى وقومه: ﴿ مِن بَعْدِهِ ﴾ أي بعد إغراقه. قوله: ﴿ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ ﴾ أي أرض مصر والشام. قوله: (أي الساعة) أي القيامة ووعدها وقتها، وهو النفخة الثانية. قوله: ﴿ جِئْنَا بِكُمْ ﴾ أي أحييناكم وأخرجناكم من القبور. قوله: (جميعاً) أشار بذلك إلى أن ﴿ لَفِيفاً ﴾ اسم جمع لا واحد له من لفظه، وقيل مصدر لف لفيفاً، والمعنى جئنا بكم منضماً بعضكم لبعض. قوله: ﴿ وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ ﴾ معطوف على قوله (ولقد صرفنا) وهذا على أسلوب العرب، حيث ينتقلون مما كانوا بصدده لشيء آخر، ثم يرجعون له، واختلف المفسرون في الحق الأول والثاني، فمشى المفسر على أن المراد بهما الحكم والمواعظ والأمثال التي اشتمل عليها القرآن، وإنما التكرير للتأكيد، إشارة إلى أنه لم يتغير ولم يتبدل إلى يوم القيامة، كما تغيرت التوراة والإنجيل، وقيل المعنى وما أنزلنا القرآن إلا بالحكمة المقتضية لإنزاله لا عبثاً، وما نزل إلا بالحكم والمواعظ، لاشتماله على الهداية إلى سبيل الرشاد، فالحق الأول كناية عن سبب نزوله، والحق الثاني هو ما اشتمل عليه من المعاني. قوله: (المشتمل عليه) أي المحتوي عليه القرآن. قوله: ﴿ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً ﴾ حالان من الكاف في أرسلناك. قوله: (منصوب بفعل) أي فهو من باب الاشتغال، وعليه فجملة ﴿ فَرَقْنَاهُ ﴾ لا محل لها من الأعراب، والتنوين للتعظيم أي قرآناً عظيماً. قوله: ﴿ فَرَقْنَاهُ ﴾ هو بالتخفيف في القراءة المشهورة، وقرىء شذوذاً بالتشديد. قوله: (نزلناه مفرقاً) هذا أحد أقوال في تفسير قوله: ﴿ فَرَقْنَاهُ ﴾، وقيل بينا حلاله وحرامه، وقيل فرقنا به بين الحق والباطل. قوله: (أو وثلاث) أو لحكاية الخلاف، أي أنه اختلف في مدة نزول القرآن، هل هي عشرون سنة، أو ثلاث وعشرون، وهو المبني على الخلاف في تعاقب النبوة والرسالة وتقارنهما. قوله: ﴿ لِتَقْرَأَهُ ﴾ متعلق بفرقنا، وقوله: ﴿ عَلَى ٱلنَّاسِ ﴾ متعلق بتقرأه، وكذا قوله: ﴿ عَلَىٰ مُكْثٍ ﴾ ولا يلزم عليه تعلق حرفي جر متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد، لأن الأول في محل المفعول به، والثاني في محل الحال أي متمهلاً فاختلف المعنى. قوله: (مهل وتؤده) أي سكينة وتأن. قوله: (ليفهموه) أي ليسهل حفظه وفهمه. قوله: (على حسب المصالح) أي الوقائع التي تقتضي نزوله، فالحاصل أنه نزل مفرقاً لحكمتين: الأولى ليسهل حفظه، والثانية اقتضاء الوقائع، لذلك قال تعالى:﴿ وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِٱلْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً ﴾[الفرقان: ٣٣].
قوله: (تهديد لهم) أي فالمعنى أن إيمانكم لا يزيد القرآن كمالاً، وامتناعكم لا يورثه نقصاً.


الصفحة التالية
Icon