سميت بذلك، لذكر قصة أصحاب الكهف فيها، من باب تسمية الشيء باسم بعضه، و(سورة) مبتدأ، و(مكية) خبر أول، و(مائة) الخ، خبر ثان، قوله: (ثابت) قدره إشارة إلى أن الجار والمجرور في ﴿ لِلَّهِ ﴾ متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، والمراد بالثبوت الدوام والاستمرار أزلاً وأبداً، فحصل الفرق بين حمد القديم والحادث، فوصف القديم بالكمالات أزلي مستمر، وكمال الحادث عارض. قوله: (الإعلام بذلك) أي الإخبار بأن وصف الكمالي أزلي، فتكون الجملة خبرية لفظاً ومعنى، والمقصود منها، كونها عقيدة للعبادة، وشرطاً في إيمانهم، والمخبر بالحمد حامد. قوله: (أو الثناء به) أي إنشاء الثناء بمضمون تلك الجملة، لا إنشاء المضمون، فإنه ثابت أزلاً يستحيل إنشاؤه، فتكون على هذا خبرية لفظاً إنشائية معنى، كأنه قال: أجدد وانشئ حمداً لنفسي بنفسي، لعجز خلقي عن كنه حمدي. ولذا حكي عن أبي العباس المرسي، أنه سأل ابن النحاس النحوي عن أل في الحمد لله، هل هي جنسية أو عهدية؟ فقال: يقولون إنها جنسية، فقال: لا بل هي عهدية، لأن الله لما علم عجز خلقه عن كنه حمده، حمد نفسه بنفسه، وأبقاه لهم يحمدونه به. قوله: (أو هما) أي الإعلام والثناء، ويكون هذا من باب استعمال الجملة في الخبر والإنشاء، على سبيل الجمع بين الحقيقة والمجاز، فاستعمالها في الخبر حقيقة، واستعمالها في الإنشاء مجاز، وحينئذٍ فيكون المقصود من هذه الجملة أمرين: الإعلام للإيمان والتصديق، وإنشاء الثناء. قوله: (أفيدها الثالث) أي أكثرها فائدة، لدلالته على أمرين مقصود كل منهما بالذات. إن قلت: إن إنشاء الثناء يسلتزم الإعلام، والإعلام يستلزم إنشاء الثناء. قلنا: نعم، لكن فرق بين الحاصل المقصود، والحاصل الغير المقصود، فتحصل أنه إذا جعلت الجملة خبرية فقط، كان الثناء حاصلاً غير مقصود، وإن جعلت إنشائية فقط، كان الإيمان بها حاصلاً غير مقصود، وإن استعملت فيهما، كان كل مقصوداً لذاته. قوله: ﴿ ٱلَّذِي أَنْزَلَ ﴾ تعليق الحكيم بالمشتق يؤذن بالعلية، كأنه قال: الحمد لله لأجل إنزاله الخ، وإنما جعل الإنزال سبباً في الحمد، لأنه أعظم نعمة وجدت دنيا وأخرى، إذ به تنال سعادة الدارين، إذ فيه صلاح المعاد والمعاش، قال تعالى:﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ ﴾[النحل: ٨٩].
قوله: ﴿ عَلَىٰ عَبْدِهِ ﴾ الإضافة لتشريف المضاف، ولذا قال القاضي عياض: وَممَّا زَادَنِي شَرَفاً وَتِيهاً وَكدْتُ بِأَخْمصي أَطَأُ الثريَّادُخُولِي تَحْتَ قولِكَ يَا عِبَادِي وإن صيرت أَحْمد لِي نَبِيّاقوله: ﴿ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ ﴾ الجملة إما معطوفة على قوله: ﴿ أَنْزَلَ ﴾ فتكون من جملة المحمود عليه، أو حال كما قال المفسر. قوله: (اختلافاً) أي في اللفظ، والمعنى والعوج بالكسر الفساد في المعاني، وبالفتح في الأجسام، قوله: (تناقضاً) نعت لاختلافاً على حذف المضاف، أي ذا تناقض.