قوله: ﴿ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ﴾ أي وحينئذٍ غضب القوم وقالوا: أتسخرين بنا؟ ثم قالوا: ﴿ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي ٱلْمَهْدِ صَبِيّاً ﴾.
قوله: (وجد) أشار المفسر إلى أن ﴿ كَانَ ﴾ تامة، وحينئذ فصبياً حال، ويصح أن تكون ناقصة وصبياً خبرها. قوله: ﴿ فِي ٱلْمَهْدِ ﴾ قيل المرد به حجرها، وقيل هو المهد بعينه، ورد أنه لما أشارت إليه ترك الرضاع، واتكأ على يساره، وأقبل عليهم؛ وجعل يشير بيمينه وقال: ﴿ إِنِّي عَبْدُ ٱللَّهِ ﴾ الخ. قوله: ﴿ عَبْدُ ٱللَّهِ ﴾ وصف نفسه بذلك لئلا يتخذ إلهاً، وكل هذه الأوصاف تقتضي براءة أمه، لأن هذه أوصاف الكاملين المطهرين من الأرجاس. قوله: ﴿ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً ﴾ أي في الحال، وقيل المراد سيجعلني بعد الأربعين قولان للعلماء، والله أعلم بحقيقة الحال. قوله: (أي نفاعاً للناس) أي لأنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ويهدي من ضل. قوله: (إخبار بما كتب له) أي فالماضي بمعنى المستقبل، وقيل على حقيقته. قوله: (أمرني بهما) بفعلهما. قوله: ﴿ وَبَرّاً ﴾ العامة على فتح الباء وقرئ بكسرها، إما على حذف مضاف أي ذا بر، أو مبالغة. قوله: (متعاظماً) أي بل جعلني متواضعاً، ومن تواضعه أنه كان يأكل ورق الشجر، ويجلس على التراب، ولم يتخذ له مسكناً. قوله: ﴿ وَٱلسَّلاَمُ ﴾ أل فيه للعهد، أي السلام الحاصل ليحيى حاصل لي، فلا يقال إن يحيى سلم عليه ربه، وعيسى سلم على نفسه، بل هو حاك السلام عن الله. قوله: ﴿ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ﴾ هذا آخر كلامه، ثم سكت بعد ذلك، فلم يتكلم حتى بلغ المدة التي يتكلم فيها الأطفال. قوله: (قال تعالى) أشار بذلك إلى أن هذا من كلام الله تعالى، وأما كلام عيسى فقد انتهى إلى قوله: ﴿ حَيّاً ﴾.