قوله: ﴿ ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي ﴾ أي قد أجبناك فيما طلبت، وأعطينا أخاك الرسالة، فاذهب أنت وهو إلى فرعون وقومه. قوله: (إلى الناس) قدره إشارة إلى أنه حذف من هنا، لدلالة قوله فيما يأتي ﴿ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ ﴾ عليه، كما أنه حذف فيما يأتي قوله: ﴿ بِآيَاتِي ﴾ لدلالة ما هنا عليه، ففي الكلام احتباك، حيث حذف من كل نظير ما أثبته في الآخر. قوله: ﴿ بِآيَاتِي ﴾ (التسع) المناسب للمفسر أن يقول العصا واليد، لأن باقي التسع لم يكن في المبدإ، بل كان في أثناء المدة، وعليه فجمع الآيات باعتبار ما اشتملت عليه العصا واليد من المعجزات المتعددة. قوله: ﴿ وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي ﴾ يقال ونى يني ونياً، كوعد يعد وعداً إذا فتر، وأصله تونيا، حذفت الواو لوقوعها بين عدوتيها الفتحة والكسرة. قوله: (وغيره) أي كتبليغ الرسالة، وهو المقصود بالذات. قوله: ﴿ ٱذْهَبَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ ﴾.
إن قلت: ما حكمة جمعهما في ضمير واحد، مع أن هارون لم يكن حاضراً في محل المناجاة، بل كان في ذلك الوقت بمصر؟ أجيب: بأن الله كشف الحجاب في ذلك الوقت عن سمع هارون، حتى سمع الخطاب مع أخيه، لكن موسى سمعه من الله بلا واسطة، وهارون سمعه من جبريل عن الله، وهذا أحسن ما يقال. قوله: ﴿ فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً ﴾ أي سهلاً لطيفاً، وقد قصه الله في سورة النازعات في قوله:﴿ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ * وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ ﴾[النازعات: ١٨-١٩] فإنه دعوة في صورة عرض. قوله: (في رجوعه عن ذلك) أي عما هو فيه من ادعاء الربوبية والتكبر. قوله: (والترجي بالنسبة إليهما) أي إلى موسى وهارون، والمعنى اذهبا مترجيين إيمانه وطامعين فيه، ولا تذهبا آيسين منه. قوله: (لعلمه تعالى بأنه لا يرجع) أي والفائدة في إرسالهما، إلزامه الحجة وقطع عذره، لجريان عادته سبحانه وتعالى، أنه لا يعذب أحداً، إلا بعد تبلغيه الدعوة وعناده بعد ذلك. قوله: ﴿ قَالاَ رَبَّنَآ ﴾ أسند القول لهما لأنه وقع من كل منهما، وإن كان مكانهما مختلفاً لما تقدم، أنه لا مانع من إزالة الحجاب عن هارون، وسماعه من جبريل ما قيل لموسى وقت المناجاة. قوله: (أو يجعل بالعقوبة) أي فلا يصير إلى تمام الدعوة وإظهار المعجزة. قوله: ﴿ أَوْ أَن يَطْغَىٰ ﴾ أي يزداد تكبراً وكفراً، وأو مانعة خلو تجوز الجمع. قوله: ﴿ قَالَ لاَ تَخَافَآ ﴾ أي لا تنزعجا منه. قوله: ﴿ فَأْتِيَاهُ ﴾ أي اذهبا بأنفسكما إليه، ولا تقعدا في مكان وترسلا له. قوله: ﴿ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ ﴾ أمرهما الله أن يقولا له ست جمل، أولها قوله: ﴿ إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ ﴾.
الثانية قوله: ﴿ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ﴾.
الثالثة: ﴿ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ ﴾ الرابعة: ﴿ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ ﴾.
الخامسة: ﴿ وَٱلسَّلاَمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ ﴾.
السادسة: ﴿ إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ ٱلْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ﴾.
قوله: ﴿ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ﴾ أي أطلقهم من أسرك ولاتتول عليهم، فإنهم أولاد الأنبياء، ولا يليق أن يولى عليهم خسيس، والمعنى أن موسى وهارون أرسلا إلى فرعون، بأنه يؤمن بالله وحده، ولا يتولى على بني إسرائيل. قوله: (بحجة) أي دليل وبرهان على ما ادعيناه من الرسالة. قوله: (فأتياه وقالا له جميع ما ذكر) قدر ذلك إشارة إلى أن قوله: ﴿ قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا ﴾ الخ، مرتب على محذوف وإشعاراً بأنهما سارعا إلى امتثال الأمر من غير توان فيه. قوله: ﴿ فَمَن رَّبُّكُمَا ﴾ لم يضف الرب لنفسه تكبراً وطغياناً وخوفاً على قومه، إذ أضاف الرب لنفسه أن يميلوا لموسى. قوله: (اقتصر عليه) أي على توجيهه الخطاب لهما. قوله: (لأنه الأصل) أي في الرسالة، وهارون وإن كان رسولاً، إلا أن المقصود منه معاونة موسى. قوله: (ولإدلاله عليه بالتربية) أي ولإقامة فرعون الدليل على موسى، بأن ذكره بتربيته له في قوله الآتي في الشعراء:﴿ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً ﴾[الشعراء: ١٨].
قوله: ﴿ خَلْقَهُ ﴾ أي صورته وشكله. قوله: (الحيوان منه) أي من كل شيء.


الصفحة التالية
Icon