قوله: ﴿ وٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ ﴾ معطوف على الموصول الأول وهو نوع آخر للمتقين، فإنها أنزلت فيمن كان آمن بعيسى وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم كعبد الله بن سلام وعمار بن ياسر وسلمان والنجاشي وغيرهم. وأما النوع الأول فهم مشركو العرب الذين لم يرسل لهم غيره صلى الله عليه وسلم فنزلت فيهم الآية الأولى. قوله ﴿ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ ﴾ نزل المستقبل منزلة الماضي لتحقق الوقوع لأنه لم يكن تم نزوله. قوله: ﴿ وَمَآ أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ ﴾ أي فلم يفرقوا بين الأنبياء بحيث يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض. قوله: ﴿ وَبِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ قدم الجار والمجرور لإفادة الحصر وأتى بالجملة الاسمية لأنه أعلى من الإنفاق. قوله: (يعلمون) أي علماً لا شك فيه ولا ريب، ولذا اتصف مولانا بالعلم ولم يتصف باليقين، وفيه رد على من أنكر الآخرة ممن لم يؤمن بمحمد. قوله ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ﴾ (الموصوفون بما ذكر) إن قلنا إن قوله الذين يؤمنون الخ وصف للمتقين كان ماهنا مبتدأ وخبراً بيان لعاقبة المتقين وإن قلنا إنه مستأنف مبتدأ كان ماهنا خبره. قوله: ﴿ عَلَىٰ هُدًى ﴾ عبر بعلى إشارة إلى تمكنهم من الهدى كتمكن الراكب من المركوب. وقوله: (الناجون من النار) أي ابتداء وانتهاء، وعطف الجملتين إشارة إلى تغايرهما وأن كلا غاية في الشرف، وإن الثانية مسببة عن الأولى.


الصفحة التالية
Icon