قوله: ﴿ وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ ﴾ ﴿ مَآ ﴾ استفهامية مبتدأ.
﴿ أَعْجَلَكَ ﴾ خبره، و ﴿ عَن قَومِكَ ﴾ متعلق بأعجلك، والمعنى أي شيء جعلك متعجلاً عن قومك وسابقاً لهم. وحاصل ذلك، أن الله سبحانه وتعالى، وعد موسى ثلاثين يوماً وأتمها بعشر، بعد إغراق فرعون وقومه، يصومها ولا يأكل ولا يشرب ولا ينام فيها، وأمره تعالى أن يحضر من قومه سبعين رجلاً، يختارهم من بني إسرائيل، ليذهبوا معه إلى الطور، لأجل أن يأخذوا التوراة، فخرج بهم وخلف هارون على من بقي، وفي رواية أنه أمر هارون أن لا يأتي بهم عند تمام الميقات، فسار موسى بالسبعين، ثم عجل من بينهم تشوقاً، إلى ربه، وخلفهم وراءه، وأمرهم أن يتبعوه إلى الجبل، فقال تعالى له: ﴿ وَمَآ أَعْجَلَكَ ﴾ الخ، والمقصود من سؤال الله تعالى لموسى، إعلامه بما حصل من قومه، وإلا فيستحيل عليه تعالى السؤال لطلب الفهم. قوله: ﴿ عَن قَومِكَ ﴾ سياق المفسر يقتضي أن المراد بهم جملة بني إسرائيل، وأيده جماعة من المفسرين. قوله: (لمجيء ميعاد أخذ التوراة) أي لمجيئك في ميعاد أخذ التوراة. قوله: ﴿ قَالَ هُمْ أُوْلاۤءِ عَلَىٰ أَثَرِي ﴾ ﴿ هُمْ ﴾ مبتدأ، و ﴿ أُوْلاۤءِ ﴾ خبر، وقوله: ﴿ عَلَىٰ أَثَرِي ﴾ خبر بعد خبر. قوله: (أي زيادة على رضاك) أي فسارعت إلى امتثال أمرك، طلباً لزيادة رضاك، لا لأصل الرضا، فإنه حاصل، وطلبه لا يليق بحال الأنبياء. قوله: (وقيل الجواب) أي جواب السؤال وهو قوله: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ ﴾.
قوله: (أتى بالاعتذار) أي عن سبقه لقومه، وقوله: (بحسب ظنه) متعلق بالاعتذار. قوله: (وتخلف المظنون لما) ﴿ قَالَ ﴾ (تعالى) أي ظهر لموسى أن ظنه تخلف حين أخبره الله بأن قومه قد عبدوا العجل، وهذا يؤيد ما قلناه أولاً، أن المراد بالقوم جميع بني إسرائيل. قوله: (أي بعد فراقك لهم) أي بعشرين يوماً وهذا الإخبار من الله تعالى عند تمام الأربعين. قوله: ﴿ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ ﴾ اسمه موسى بن ظفر، منسوب إلى سامرة قبيلة من بني إسرائيل، كان منافقاً، وكان قد رباه جبريل، لأن فرعون لما شرع في ذبح الولدان، وضعته أمه في حفرة، فتعهده جبريل، وكان يغذيه من أصابعه الثلاثة، فيخرج له من إحداها لبن، ومن الأخرى سمن، ومن الأخرى عسل.