قوله: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ﴾ كررت هذه القصة في سبع سور من القرآن، تعليماً للعباد امتثال الأمر واجتناب النهي، وعطف هذه القصة على ما قبلها، من عطف السبب على المسبب، لأن هذه القصة سبب في عداوة إبليس لآدم. قوله: ﴿ فَسَجَدُوۤاْ ﴾ أي جميعاً، وتقدم الجواب عن سجود الملائكة بأوضح وجه. قوله: ﴿ إِلاَّ إِبْلِيسَ ﴾ استثناء متصل أو منقطع. قوله: (كان يصحب الملائكة) الخ، توجيه للاتصال لكونه لم يعبر بلكن. قوله: ﴿ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا ﴾ النهي لإبليس صورة، والمراد نهيهما عن تعاطي أسباب الخروج، فيتسبب عن ذلك حصول التعب له في الدنيا. قوله: (واقتصر على شقائه) أي مع أن النهي لهما معاً. قوله: ﴿ إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ ﴾ الخ، قابل الله سبحانه وتعالى بين الجوع والعري، والظمأ والضحو، وإن كان الجوع يقابل العطش، والعري يقابل الضحو، لأن الجوع ذل الباطن، والعري ذل الظاهر، والظمأ حر الباطن، والضحو حر الظاهر، فنفى عن ساكن الجنة، ذل الظاهر والباطن، وحر الظاهر والباطن. قوله: (بفتح الهمزة وكسرها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ قَالَ يٰآدَمُ ﴾ بيان لصورة الوسوسة. قوله: ﴿ فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا ﴾ أي بسبب تساقط حلل الجنة عنهما، لما أكلا من الشجرة. قوله: (بسوء صاحبه) أي يحزنه. قوله: ﴿ مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ ﴾ أي ورق التين، فصارا يلزقان بعضه ببعض، حتى يصير طويلاً عريضاً يصلح للاستتار به. قوله: ﴿ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ ﴾ أي وقع فيما نهى عنه متأولاً، حيث تخلف ما قصده بأكله من الشجرة، وضل عن مطلوبه وهو الخلود في الجنة، فمعصيته وقوعه في المخالفة باعتبار الواقع، لا في القصد والنية، بل قصده ونيته امتثال الأمر، وتجنب ما يوجب الخروج، وحينئذ فلا يجوز أن يطلق على آدم العصيان والغواية، من غير اقتران بالتأويل، ولا نفي اسم العصيان عنه لصريح الآية، وعلى كل حال، فالله عنه راض، وهو معصوم قبل النبوة وبعدها، من كل ما يخالف أمر الله، هذا هو الحق في تقرير هذا المقام. واعلم أن الخطأ والنسيان، يقع من المعصومين للتشريع والمصالح، كما هو معهود في نصوص الشرع، وتسمية الله له في حقهم معصية، من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين. قوله: (بالأكل من الشجرة)، تقدم أنها الحنطة، وقيل التين، وقيل غير ذلك.