قوله: ﴿ وَذَا ٱلنُّونِ ﴾ لقب ليونس وجمعه أنوان ونينان، وهو اسم للحوت كبيراً أو صغيراً. قوله: (ابن متى) اسم أبيه قبل اسم أمه. قوله: (ويبدل منه) أي بدل اشتمال. قوله: ﴿ مُغَاضِباً ﴾ (لقومه) أي لا لربه، لأن خروجه باجتهاد منه حين وعدهم بالعذاب، فلما لم ينزل بهم ظن أنه إن بقي بينهم قتلوه، لأنهم كانوا يقتلون كل من ظهر عليه كذب. قوله: (أي غضبان عليهم) أشار بذلك إلى أن المفاعلة ليست على بابها. قوله: (أي نقضي عليه بما قضينا) أشار بذلك إلى أن معنى ﴿ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ ﴾ نقضي عليه بما قضينا من القدر وهو القضاء، والمعنى فظن أننا لا نؤاخذه بخروجه. قوله: (أو نضيق عليه) أي فمعنى نقدر نضيق كما في قوله تعالى:﴿ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ﴾[القصص: ٨٢] وقوله تعالى: ﴿ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ﴾ [الطلاق: ٧] لا من القدرة بمعنى الاستطاعة التي هي ضد العجز. قوله: (ومن حبسه في بطن الحوت) أي وكانت مدة مكثه ببطن الحوت أربعين يوماً، أو سبعة أيام، أو ثلاثة، أو أربع ساعات، وأوحى الله إلى ذلك الحوت، لا تأكل له لحماً، ولا تهشم له عظماً، فإنه ليس رزقاً لك، وإنما جعلتك سجناً له. وحاصل ذلك: أنه حين غاضب قومه، لما لم ينزل بهم العذاب الذي توعدهم به، خرج فركب سفينة، فسارت قليلاً ثم وقفت في لجة البحر، فقال الملاحون: هنا عبد آبق من سيده تظهره القرعة، فضربوها فخرجت على يونس، فألقوه في البحر، فابتلعه الحوت وهو آت بما يلام عليه من ذهابه للبحر وركوبه إياه، فدعا ربه فألقاه الحوت بالساحل ضعيفاً، وكانت تأتيه غزالة صباحاً ومساءً، فيشرب من لبنها حتى قوي، فرجع إلى قومه فآمنوا به جميعاً، قال تعالى:﴿ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ ﴾[الصافات: ١٤٧-١٤٨].
قوله: ﴿ أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ ﴾ ﴿ أَن ﴾ إما مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن وما بعدها خبرها. أو تفسيرية لتقدم جملة فيها معنى القول دون حروفه، وهذا دعاء عظيم جداً، لاشتماله على التهليل والتسبيح والإقرار بالذنب، ولذا ورد في الحديث" ما من مكروب يدعو بهذا الدعاء إلى استجيب له ". قوله: ﴿ وَزَكَرِيَّآ ﴾ معمول لمحذوف قدره بقوله: (اذكر). قوله: (أي بلا ولد يرثني) أي في العلم والنبوة. قوله: (بعد عقمها) المراد به انسداد الرحم عن الولادة. قوله: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ ﴾ علة لمحذوف، أي قالوا ما قالوا لأنهم الخ. قوله: ﴿ رَغَباً وَرَهَباً ﴾ إما منصوبان على المفعول من أجله، أو على أنهما واقعان موقع الحال، أي راغبين راهبين. قوله: ﴿ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ﴾ صفة لموصوف محذوف معمول لمحذوف قدر ذلك لفسر بقوله: (واذكر مريم). قوله: (من أن ينال) أي يصل إليه أحد بحلال أو حرام. إن قلت: المزية ظاهرة في حفظه من الحرام، وأما الحلال فكيف تمدح على التعفف عنه؟ أجيب بأن الترهيب كان مشروعاً لهم، أو لتكون ولادتها خارقة للعادة. قوله: (حيث نفخ في جيب درعها) أي أمرناه ففعل ذلك، أو المراد نفخنا فيها بعض الأرواح المخلوقة لنا، وهي روح عيسى. قوله: ﴿ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ لم يقل آيتين، لأن كلاً من مريم وابنها بانضمامه للآخر صار آية واحدة، أو فيه الحذف من الأول لدلالة الثاني عليه. قوله: ﴿ إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ ﴾ أشار المفسر إلى أن اسم الإشارة يعود على (ملة الإسلام) والأمة في الأصل الجماعة، ثم أطلقت على الملة لأنها تستلزم الاجتماع. والمعنى أن ملة الإسلام ملتكم لا اختلاف فيها من لدن آدم إلى محمد، فلا تغيير ولا تبديل في أصول الدين، وإنما التغاير في الفروع، فمن غير وبدل في الملة، فهو خارج عنها ضال مضل. وحكمة ذكر هذه الآية عقب القصص، دفع ما يتوهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بقعائد تخالف عقائد من قبله من الرسل. قوله: (حال لازمة) أي من أمة، وقيل بدل من ﴿ هَـٰذِهِ ﴾، ويكون قد فصل بين البدل والمبدل منه بخبر أن نحو إن زيداً قائم أخاك، و ﴿ أُمَّتُكُمْ ﴾ بالرفع خبر ﴿ إِنَّ ﴾ وقرئ شذوذاً بالنصب على أنه بدل من هذه أو عطف بيان. قوله: ﴿ فَٱعْبُدُونِ ﴾ إن كان الخطاب للمؤمنين، فمعناه دوموا على العبادة، وإن كان الخطاب للكفار، فمعناه إنشاء العبادة والتوحيد.


الصفحة التالية
Icon