قوله: ﴿ وَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ ﴾ أي تفرقوا في أمرهم واختلفوا في دينهم، وهذا إخبار من الله بأن الجميع لم يكونوا على دين واحد، لسبق حكمته البالغة بذلك. والحكمة ذكر العبادة هنا، والتقوى في المؤمنون، وذكر الواو هنا والفاء هناك، قيل تفنن، وقيل لأن الخطاب هنا للكفار، فناسبه ذكر التوحيد والخطاب هناك للرسل، فناسبه ذكر التقوى، وأتى بالواو هنا لأنها لا تقتضي الترتيب، وهو المراد هنا، فإن التفرق كان حاصلاً من قبل بخلاف ما يأتي، فإن التفرق حصل بعد إرسال الرسل فناسبه الفاء. قوله: (وهم طوائف اليهود والنصارى) لا مفهوم له، بل هذه الأمة افترقت ثلاثاً وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون في النار، وواحدة ناجية كما في الحديث. قوله: ﴿ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ ﴾ تهديد للكفار. والمعنى أن الله تعالى لا يفلت أحداً، بل كل من الثابت على الحق والزائغ عنه راجع إليه. قوله: ﴿ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ ﴾ أي الأعمال الحسنة من فرض ونفل. قوله: ﴿ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ ﴾ أي لا يمنع من ثوابه ولا يحرم منه، فالكفران مصدر بمعنى الكفر الذي هو الجحود والإنكار، فشبه منع الثواب بالكفر والجحود. قوله: ﴿ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ﴾ أي حافظون للعمل، فلا يضيع منه شيء. قوله: ﴿ وَحَرَامٌ ﴾ خبر مقدم، و ﴿ أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ ﴾ مبتدأ مؤخر. والمعنى رجوع أهل قرية أهلكناها ممتنع، وقوله: (إلى الدنيا) أي إلى إبقاء والمعيشة فيها وقيل إلى الإيمان، يعني أن رجوعهم إلى الإيمان ممتنع لسبق الشقاء عليهم، قال تعالى:﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ﴾[الأنعام: ٢٨].
قوله: (غاية لامتناع رجوعهم) أي فهي متعلقة بحرام غاية لما قبلها، ويصح أن تكون ابتدائية، وتكون الجملة مستأنفة. قوله: (بالتشديد والتخفيف) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: (بالهز وتركه) قراءتان سبعيتان. قوله: (اسم قبيلتين) أي من بني آدم، يقال إنهم تسعة أعشار بني آدم، وتقدمت قصتهم. قوله: (وذلك قرب القيامة) أي بعد نزول عيسى وهلاك الدجال حين يأتي ويمكث أربعين يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر؛ ويوم كجمعة، وسائر أيامه كباقي الآيام، وفي الحديث فقلنا: يا رسول الله في اليوم الذي كسنة يكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا أقدر له قدره، قلنا: يا رسول الله وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح، فينزل عيسى على منارة بني أمية شرقي دمشق، عليه حلتان همصرتان فيقتله، ثم يخرج يأجوج ومأجوج من السد، فيحصل للخلق جدب عظيم، حتى تكون رأس الثور خيراً من مائة دينار، ثم يدعو الله عيسى، فيرسل الله عز وجل النغف في رقابهم فيهلكون جميعاً فتملأ رممهم وجيفهم الأرض، فيدعو الله عيسى، فيرسل الله عليهم طيراً كأعناق البخت، فتحملهم وتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطراً، فيغسل الأرض من آثارهم، ثم يقول الله للأرض: أنبتي ثمرك، فيكثر الرزق جداً، ويستقيم الحال لعيسى والمؤمنين، فبينما هم كذلك، إذ بعث الله عليهم ريحاً لينة، تقبض روح كل مؤمن ومسلم، وتبقى أشرار الناس يتهارجون في الأرض كتهارج الجمر، فعيلهم تقوم الساعة، وبين موت عيسى والنفخة الأولى، مائة وعشرون سنة، لكن السنة بقدر شهر كما أن الشهر بقدر جمعهة، والجمعة بقدر يوم، واليوم بقدر ساعة، فيكون بين عيسى والنفخة الأولى قدر اثنتي عشر سنة من السنين المعتادة، وفي الحديث:" لا تقوم الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات: الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف، خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ". قوله: ﴿ وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ ﴾ أي يأجوج ومأجوج، يتنشرون في الأرض، ويسرعون فيها من كل مرتفع من الأرض.