قوله: ﴿ أَنَّ ٱلأَرْضَ ﴾ مفعول ﴿ كَتَبْنَا ﴾.
قوله: (عام في كل صالح) أي من هذه الأمة وغيرها من الأمم، والمراد بالصلاح الموت على الإيمان، والمعنى أن المؤمنين يرثون الجنة، ويتنعمون بها على قدر أعمالهم، وعبر بالميراث لأنه لملك مستمر يأتي من غير تكسب، وأما من مات على الكفر، فليس له في الجنة نصيب، لأن الجنة عزيزة عند الله فلا يعطيها لأعدائه، وأما الدنيا فقط تعطى للكافر، لعدم عزتها عنده، لما في الحديث:" لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة، ما سقى الكافر منها جرعة ماء "ومعناه: لو كان للدنيا قدر عند الله لبقيت ببقائه، ولو كانت باقية، ما نعم الكافر فيها لهوانه عليه، فقدر الله في الأزل، أن الدنيا فانية زائلة لا قدر لها عنده، فنعم فيها الكفار. قوله: (كفاية في دخول الجنة) أي من حيث إنه يوصل لمراضي الله تعالى في الدنيا ويؤنس صاحبه في القبر، ويوضع في الميزان، ويرقى به في درجات الجنة. قوله: (عاملين به) أي ممتثلين أوامره مجتنبين نواهيه. قوله (أي للرحمة) أشار بذلك إلى أن ﴿ رَحْمَةً ﴾ منصوب معلى أنه مفعول لأجله، ويصح أن يكون منصوباً على الحال، أي أنه نفس الرحمة لما ورد: أن الأنبياء خلقوا من الرحمة، ونبينا عين الرحمة، أو على حذف مضاف، أي ذا رحمة أو راحماً، لما في الحديث:" إنما أنا رحمة مهداة ". قوله: (الإنس والجن) أي براً وفاجراً، مؤمناً وكافراً، لأنه رفع بسببه الخسف والمسخ وعذاب الاستئصال، ورحمة أيضاً، من حيث أنه جاء بما يرشد الخلق إلى السعادة العظمى، فمن آمن فهو رحمة له دنيا وأخرى، ومن كفر فهو رحمة له في الدنيا فقط. قوله: ﴿ قُلْ إِنَّمَآ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ﴾ اعلم أن في هذه الآية قصرين، الأول قصر الصفة على الموصوف، والثاني بالعكس، والمعنى كما قال المفسر: (ما يوحى إلي في أمر الإله إلا اختصاصه بالوحدانية) ففيه رد على الكفرة الذين يعبدون غير الله. قوله: (بمعنى الأمر) أي فالمراد منه التحضيض على الإسلام، لا الاستفهام عنه. قوله: (أعلمتكم بالحرب) أي أنذرتكم به، والمراد بالحرب محاربته هو وأصحابه لهم، والمعنى أعلمتكم بأني محاربكم، والحال أني وأنتم مستوون في العلم بنقض الصلح، لئلا أنسب للغدر المذموم فاعله. قوله: (لتتأهبوا) أي لتستعدوا وتتهيأوا له، وهو علة للنفي لا للمنفي، فالمعنى لا أستبد به، بل أعلمكم للتتأهبوا. قوله: ﴿ وَإِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ ﴾ أي لا أدري الوقت الذي يحل بكم العذاب فيه، وإنما علمه موكول إلى الله. والمراد بالعذاب تعذيبه إياهم بحربه في الدنيا. وقوله: (أو القيامة) أي تعذيبهم بالنار. قوله: ﴿ إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ مِنَ ٱلْقَوْلِ ﴾ أي ما تقولونه جهراً مما لا يليق. قوله: (والفعل) أشار بذلك إلى أن في الآية اكتفاء. قوله: (أي ما أعلمتكم به) أي وهو تأخير العذاب عنهم في الدنيا. قوله: (اختيار) ﴿ لَّكُمْ ﴾ أي معاملتكم معاملة المختبر. قوله: (وهذا مقابل للأول) الخ، حاصله أن قوله: ﴿ لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ ﴾ محتمل للوقوع وعدمه، وأما قوله: ﴿ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ﴾ فهو محقق الحصول، والأحسن أن يجعل قوله: ﴿ وَمَتَاعٌ ﴾ خبر المحذوف تقديره وهذا متاع إلى حين، أي وتأخير عذابكم متاع، أي تمتع لكم إلى وقت فراغ الأجل، والجملة مستأنفة. قوله: (وفي قراءة قال) أي وهي سبعية أيضاً، فالأول أمر، والثانية إخبار عن مقالته.