قوله: ﴿ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ ﴾ الخ، تعليل للأمر بالتقوى، والمعنى اتقوا ربكم لتأمنوا من المخاوف، فإن من دخل حضرته أمن من كل ما يزعج، قال تعالى:﴿ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ﴾[الدخان: ٥١] وإضافة زلزلة الساعة، من إضافة المصدر لفاعله، والمفعول محذوف تقديره الأرض، وإسناد الزلزلة للساعة مجاز عقلي لأنها مقدماتها ومن علاماتها الكبرى، لما روي في حديث الصور:" إنه قرن عظيم، ينفخ فيه ثلاث نفخات، نفخة الفزع، ونخفة الصعق، ونخفة القيام لرب العالمين، وإن عند نفخة الفزع، يسير الله الجبال وترجف الراجعة، تتبعها الرادفة، قلوب يومئذ واجفة، وتكون الأرض كالسفينة تضربها الأمواج، كالمناديل المعلق تحركه الرياح ". قوله: (أي الحركة الشديدة) أي وتكون تلك الحركة في نصف رمضان. قوله: (التي يكون بعدها طلوع الشمس من مغربها) أشار المفسر بذلك، إلى أن تلك الزلزلة، تكون في الدنيا قبل طلوع الشمس من مغربها، ويقوي هذا القول قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ ﴾ الآية، والرضاع والحمل إنما هو في الدنيا، وقيل تكون في النفخة الأولى، وقيل تكون مع قيام الساعة عند النفخة الثانية، وحينئذ يكون قوله: ﴿ تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ ﴾ مبالغة، أي إن الزلزلة، من شدة هولها وعظمة شأنها، أن تذهل كل مرضعة، عن ولدها. قوله: ﴿ كُلُّ مُرْضِعَةٍ ﴾ (بالفعل) والمعنى مباشرة للإرضاع. قوله: ﴿ عَمَّآ أَرْضَعَتْ ﴾ يصح أن تكون ما مصدرية، أي عن إرضاعها، ويصح أن تكون ما موصولة، أي عن الذي أرضعته. قوله: ﴿ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ ﴾ هو بفتح الحاء، ما كان في بطن أو على رأس شجرة، وأما الحمل بكسر الحاء، فهو ما يحمل على الظهر. قوله: ﴿ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ استدراك على محذوف تقديره: فهذه الأحوال ليست شديدة ولكن عذاب الله الخ فيما بعد، لكن مخالف لما قبلها، وهاتان الآيتان قيل: نزلتا في غزوة بني المصطلق ليلاً، فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس حتى كانوا حوله، فقرأهما عليهم، فلم ير باكياً أكثر من تلك الليلة، فلما أصبحوا لم يحطوا السروج عن الدواب، ولم يضربوا الخيام، ولم يطبخوا؛ والناس من بين باك وجالس حزين متفكر. قوله: ﴿ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ ﴾ أي في قدرته وصفاته العظيمة. قوله: ﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ حال من فاعل يجادل. قوله: (وأنكر البعث) أي حيث قالوا:﴿ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾[المؤمنون: ٨٢].
قوله: ﴿ مَّرِيدٍ ﴾ أي عات، والمراد: إما رؤساء الكفرة الذين يدعون من دونهم إلى الكفر، وإما إبليس وجنوده، وهو الأقرب لقوله في الآية الأخرى:﴿ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ ﴾[فاطر: ٦].


الصفحة التالية
Icon