قوله: ﴿ ثَانِيَ عِطْفِهِ ﴾ أي لاوي جنبه، والمراد منه الإعراض عن الحقن لأن شأن من أعرض عن شيء لوى جنبه عنه، فشبه عدم التمسك بالحق بليّ الجانب، واستعير اسم المشبه به لمشبه بجامع الإعراض في كل على طريق الاستعارة التصريحية الأصيلة، والعامة على كسر العين وهو الجانب، وقرئ شذوذاً بفتحها، وهو مصدر بمعنى التعطف، كأنه قال: تاراكاً تعطفه في رحمته وتمسك بالقسوة. قوله: (أي لاوي عنقه) الأوضح أن يقول جنبه، لأن العطف بالكسر الجانب، إلا أن يقال: يلزم من ليّ الجانب ليّ العنق. قوله: ﴿ لِيُضِلَّ ﴾ متعلق بيجادل، وقوله: (بفتح الياء) أي فهو فعل لازم، والمعنى ليحصل له الضلال في نفسه، وقوله: (وضمها) أي فهو متعد، والمعنى ليوقع غيره في الضلال. وهما قراءتان سبعيتان، واللام للعاقبة والصيرورة. قوله: (عذاب) في بعض النسخ زيادة ثقيل، ومعناه عظم متكرر، وأخذ ذلك من التنوين على حد: أشر هو ذا ناب. قوله: ﴿ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ ﴾ من إضافة الموصوف لصفته، أي العذاب المحرق أو الحريق، طبقة من طباق جنهم. قوله: (ويقال له) أي من قبل الله على ألسنة ملائكة العذاب. قوله: ﴿ ذٰلِكَ ﴾ أي ما ذكر من الخزي وعذاب الحريق. قوله: (عبر عنه بهما) الخ، جواب عما يقال: لم خص اليدين بالذكرك، مع أن الفاعل هو الشخص ذاته؟ قوله: (تزول) أي تعالج. قوله: ﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ ﴾ عطف على ﴿ قَدَّمَتْ ﴾.
قوله: (أي بذي ظلم) أي فظلام صيغة نسبة كثمار ونجار، ودفع بذلك ما يقال: إن نفي الكثير يستدعي ثبوت أصل الظلم مع أنه مستحيل، لأن الظلم التصرف في ملك الغير بغير إذنه، ولا ملك لأحد معه، لأن حكمه في ملكه دائر بين الفضل والعدل، فلا يسأل عما يفعل وحينئذ فلا يليق من الشخص الاعتراض على أحكام الله تعالى، وإنما يرضى ويسلم، ليفوز بسعادة الدنيا والآخرة. قوله: (فيعذبهم بغير ذنب) أي وسماه ظلماً، لأنه وعد الطائع بالجنة، ووعده لا يتخلف، لكن لو فرض لم يكن ظلماً.


الصفحة التالية
Icon