قوله: ﴿ مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ ٱللَّهُ ﴾ هذه الآية مرتبطة بقوله:﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ﴾[الحج: ١١] وأما قوله:﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ ﴾[الحج: ١٤] الخ، فهو معترض بين أوصاف الشك، لجري عادة الله بذكر أهل الوعد إثر أهل الوعيد. والمعنى: من كان يظن من الكفار والشاكين في دينهم، أن الله لا ينصر محمداً في الدنيا وفي الآخرة، فليأت بحبل يشده في سقف بيته وفي عنقه، ثم يختنق به حتى يموت، فلينظر هل فعل هذا يذهب غيظه وهو نصرة محمد؟ فالإتيان بالحبل والاختناق به، كانية عن كونه يموت غيضاً، فيكون بمعنى قوله تعالى:﴿ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ ﴾[آل عمران: ١١٩] وهذا هو المشهور في تفسير الآية، ولذا مشى عليه المفسر. وقيل: إن المعنى من كان يظن أن لن ينصر الله محمداً، فليطلب حيلة يصل بها إلى السماء، ثم ليقطع النصر عنه وينظر هل يذهب ما احتال به غيظه إن أمكنه ذلك؟ قوله: (بأن يقطع نفسه) بالتحريك وهو إشارة إلى أن مفعول يقع محذوف. قوله: (كما في الصحاح) راجع لجميع ما ذكر من قوله: (بحبل) ﴿ إِلَى ٱلسَّمَآءِ ﴾ الخ، و(الصحاح) بفتح الصاد اسم كتاب في اللغة، للإمام أبي النصر إسماعيل بن حماد الجوهري. قوله: ﴿ مَا يَغِيظُ ﴾ ﴿ مَا ﴾ اسم موصول صفة لموصوف محذوف، و ﴿ يَغِيظُ ﴾ صلته والعائد محذوف والتقدير الشيء الذي يغيظه. قوله: (منها) بيان لما الواقعة على نصرة النبي. قوله: (حال) أي من الهاء في ﴿ أَنزَلْنَاهُ ﴾.
قوله: (على أنزلناه) أي فالمعنى وأنزلنا أن الله يهدي من يريد، أي ويضل من يريد، ففي الآية اكتفاء، قوله: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ الخ، أي فالأديان ستة، واحد للرحمن وأصحابه في الجنة، وخمسة للشيطان وأصحابها في النار. قوله: ﴿ وَٱلْمَجُوسَ ﴾ قيل هم قوم يعبدون النار، وقيل الشمس، ويقولون: العالم له أصلان، النور والظلمة، وقيل هم قوم يستعملون النجاسات، والأصل نجوس أبدلت النون ميماً. قوله: (طائفة منهم) أي من اليهود، وقيل هم طائفة من النصارى. قوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ تعليل لقوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ ﴾.
قوله: (عالم) أشار بذلك إلى أن الشهيد معناه الذي لا يغيب عنه شيء.