قوله: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ ﴾ أي يريدون القتال، والمأذون فيه محذوف قدره المفسر بقوله: (أن يقاتلوا) وفي قراءة سبعية أيضاً يقاتلون بالبناء للمفعول. قوله: (وهذه أول آية نزلت في الجهاد) أي بعد أن نهي عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في نيف وسبعين آية؛ وذلك أن مشركي مكة، كانوا يؤذون أصحاب رسول الله ويعذبونهم، فيشكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول لهم: اصبروا فإني لم اؤمر بقتال، حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله هذه الآية، فحينئذ كان يوم عيد عند المسلمين. قوله: ﴿ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾ جملة مستأنفة، سيقت لوعد المؤمنين بالنصر على طريق الكناية. قوله: (هم) ﴿ ٱلَّذِينَ ﴾ قدر المفسر الضمير إشارة إلى أن الموصول خبر لمحذوف، وهو أحد أوجه في إعرابه، ويصح أن يكون نعتاً أو بياناً أو بدلاً من الذين ألاول، أو منصوباً على المدح. قوله: ﴿ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ ﴾ استثناء مفرغ من محذوف، قدره المفسر بقوله: (ما أخرجوا) وهو متصل، والمعنى لم يكن لهم سبب في إخراجهم، إلا تعصب المشركين عليهم من أجل مخالفتهم في الدين. إن قلت: إن سبب خروجهم أمر الله لنبيه. أجيب بأن سبب الخروج باطناً، أمر الله لهم بالخروج، وظاهراً تعصب المشركين عليهم، ولا يصح استثناؤه من المذكور، لأنه يصير المعنى: الذين أخرجوا من ديارهم إلا أن يقولوا ربنا الله، وهو لا يصح. قوله: ﴿ وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ ﴾ ﴿ لَوْلاَ ﴾ حرف امتناع لوجود، و ﴿ دَفْعُ ﴾ مبتدأ، والخبر محذوف، والتقدير موجود، وإضافة ﴿ دَفْعُ ﴾ لما بعده من إضافة المصدر لفاعله. وقوله: ﴿ بَعْضَهُمْ ﴾ أي للكافرين، وقوله: ﴿ بِبَعْضٍ ﴾ أي المؤمنين، والمعنى لولا دفع الله الكافرين بالمؤمنين موجود، لهدم في زمن موسى الكنائس التي كانوا يصلون فيها في شرعه، وفي زمن عيسى الصوامع والبيع، وفي زمن نبينا المساجد، وهذا الدفع حين كانوا على الحق قبل التحريف والنسخ، وأما من يوم بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، فقد بطل كل دين يخالف دينه، قال تعالى:﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ ﴾[آل عمران: ٨٥] فالمعنى: لولا عز الإسلام وقوة شوكته، ما عبد الله في أي زمن. قوله: (بالتشديد للتكثير) باعتبار المواضع. قوله: (وبالتخفيف) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ صَوَامِعُ ﴾ جمع صومعة وهي المحل المرتفع البناء في الأماكن الخلية. قوله: (للبرهان) أي وقيل للصابئين. قوله: ﴿ وَصَلَوَاتٌ ﴾ جمع صلاة، سميت الكنائس بذلك لأنه يصلى فيها، وقيل هي كلمة معربة، أصلها بالعبرانية صلوثا، بفتح الصاد والثاء المثلثة والقصر، ومعناه في لغتهم المصلى. قوله: (أي ينصر الله دنيه)، أي وأولياءه، ومعنى نصره تعالى، هو أن يظفر أولياءه بأعدائه، ومعنى نصر العبيد لربهم، هو تجلدهم بالقتال لأعداء الله، أو بإيضاح الأدلة الحجج على أعداء الله كالعلماء،. قوله: (منيع في سلطانه) المناسب أن يقول غالب على أمره، وقد أنجز الله وعده، بأن أذل الكفار، وأعز المسلمين، فأورثهم أرضهم وديارهم.


الصفحة التالية
Icon