قوله: ﴿ فَكَأَيِّن ﴾ مبتدأ، و ﴿ مِّن قَرْيَةٍ ﴾ تمييز، وقوله: ﴿ أَهْلَكْنَاهَا ﴾ خبره، وقوله: ﴿ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ﴾ الجملة حالية. والمعنى عدد كثير من القرى أهلكتها، والحال أنها ظالمة. قوله: (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضاً. قوله: (أي أهلها) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف. قوله: ﴿ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا ﴾ أي تهدمت حيطانها، فسقطت الحيطان فوق السقوف. قوله: ﴿ وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ ﴾ قدر المفسر (كم) الجار إشار إلى أنه معطوف على ﴿ قَرْيَةٍ ﴾ والمعنى عدد كثير من الآبار معطلة عن الاستقاء منها بموت أهلها، وقيل أن البئر الواحدة معهودة، وهي التي نزل عليها صالح مع أربعة آلاف نفر ممن آمن به، ونجاهم الله من العذاب وهم بحضرموت. وسميت بذلك، لأن صالحاً حين حضرها مات، وهناك بلدة عند البئر اسمها حاضورا، بناها قوم صالح، وأمروا عليهم جلهس بن جلاس، وأقاموا بها زماناً، ثم كفروا وعبدوا صمناً، وأرسل الله تعالى عليهم حنظلة بن صفوان نبياً فتقلوه، فأهلكهم الله وعطل بئرهم وخرب قصورهم، والمتبادر من الآية العموم، ولذا مشى عليه المفسر. قوله: ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ ﴾ الهمزة داخلة على محذوف، والفاء عطافة عليه تقديره: أغفلوا فلم يسيروا؟ فهو تحريض لهم على السير، ليشاهدوا آثار من قبلهم من الكافر ليعتبروا، وهم وإن كانوا سافروا، ولم يسافروا للاعتبار والنظر، فجعلوا كأن لم يسافروا ولم يروا. قوله: ﴿ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ ﴾ مفرع على قوله: ﴿ يَسِيرُواْ ﴾ فهو منفي أيضاً. قوله: (ما نزل بالمذكبين) مفعول يفعلون. قوله: (أي القصة) أي وما بعده تفسير له. قوله: ﴿ لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ ﴾ الخ، أي فالخلل ليس في حواسهم الظاهرية، وإنما هو في قلوبهم، فترتب على ذلك أنهماكهم في الشهوات وعدم إذعانهم للحق، لأن عمى القلب هو الضار في الدين، لما ورد في الحديث:" ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ". قوله: (تأكيد) أي قوله: ﴿ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ ﴾ تأكيد للقلوب، لأن من المعلوم أن القلوب حالة في الصدور، ومنه قولهم: سمعت بأذني ونظرت بعيني. قوله: ﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ ﴾ أي يطلب كفار مكة تعجيل العذاب استهزاء حيث يقولون: أين ما توعدتنا به مع كوننا كذبناك كما كذبت الأمم الماضية رسلهم؟ قوله: ﴿ وَلَن يُخْلِفَ ٱللَّهُ وَعْدَهُ ﴾ تضمن ذلك نزول العذاب بهم في الدنيا، وتضمن قوله: ﴿ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ ﴾ الخ؛ عذابهم في الآخرة، فهم يعذبون مرتين: في الدنيا بالقتل والأسر، وفي الآخرة بدخول النار الدائم. قوله: (فأنجزه يوم بدر) أي فقتل منهم سبعون، وأسر سبعون من صناديدهم. قوله: ﴿ كَأَلْفِ سَنَةٍ ﴾ اقتصر على الألف، لأنه منتهى العدد لا تكرار، وهو كناية عن طول العذاب وعدم تناهيه. قوله: (بالتاء والياء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ ﴾ أتى هنا بالواو لمناسبة ما قبلها في قوله: ﴿ وَلَن يُخْلِفَ ٱللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً ﴾ الخ، بخلاف الأولى، فأتى بالفاء لمناسبة ما قبلها في قوله:﴿ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾[الحج: ٤٤] فأتى في كل بما يناسبه. قوله: ﴿ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ﴾ أي الموصوفون باستعجال العذاب، وقد جرت عادة الله في كتابه، أنه يخاطب المؤمنين: بيا أيها الذين آمنوا، وكفار مكة: بيا أيها الناس. قوله: (وأنا بشير للمؤمنين) قدره إشارة إلى أن في الآية اكتفاء، بدليل التعميم المذكور بعد.