قوله: ﴿ وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ ﴾ أي أعدائكم الظاهرية والباطنية، فالظاهرية فرق الضلال والكفر، ومجاهدتها معلومة، ويسمى الجهاد الأصغر، والباطنية النفس والهوى والشيطان، ومجاهدتها الامتناع من شهواتها شيئاً فشيئاً، ويسمى الجهاد الأكبر كما في الحديث، ووجه تسميته أكبر، أن الأعداء الظاهرية، تحضر تارة وتغيب أخرى وتصالح، وإذا قتلها الشخص أو قتلته فهو في الجنة، بخلاف الأعداء الباطنية، فلا تغيب أصلاً، ولا يمكن الصلح معها، وإذا قتلت صاحبها وغلبته فهو في النار. قوله: ﴿ حَقَّ جِهَادِهِ ﴾ من إضافة الصفة للموصوف، أي جهاداً حقاً. قوله: ﴿ هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ ﴾ أي اصطفاكم وجعلكم أمة وسطاً. قوله: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ المراد بالدين أصوله وفروعه، وحيث لم يشدد عليهم كما شدد على من قبلهم، فمن ذلك قبول توبتهم إذا ندموا وأقعلوا، ولم يجعل توبتهم قتل أنفسهم، وإذا أذنب الشخص منهم ذنباً، ستره الله ولم يفضحه في الدنيا، بأن يجده مكتوباً في جبهته أو على باب داره، كما كان فيمن قبلهم، وجعل النجاسة تزال بالماء دون قطع محلها وغير ذلك، إن قلت: كيف لا حرج في الدين، من أن اليد تقطع بسرقة ربع دينار، والمحصن يرجم بالزنا مرة ونحو ذلك؟ أجيب: بأن رفع الحرج لمن استقام على منهاج الشرع، وأما السراق وأصحاب الحدود، فقد انتهكوا حرمة الشرع، وانتقلوا من السهولة للصعوبة، لأن الله لم يحرم المال مطلقاً، ولا النكاح مطلقاً، بل أحل أشياء وحرم أشياء، فما جزاء من يتعدى الحدود، إلا التشديد عليه. قوله: (بنزع الخافض الكاف) أي كلمة أبيكم، فالتشبيه في أصول الدين وفي سهولة الفروع. قوله: ﴿ هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴾ أشار المفسر إلى أن الضمير عائد على الله تعالى، وقيل الضمير عائد على إبراهيم. قوله: (أي قبل هذا الكتاب) أي في تفسير الكتب القديمة. قوله: ﴿ وَفِي هَـٰذَا ﴾ أي بقوله:﴿ وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً ﴾[المائدة: ٣].
قوله: ﴿ لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ ﴾ متعلق بسماكم واللام للعاقبة. قوله: (داوموا عليها) أي بشروطها وأركانها. قوله: ﴿ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ ﴾ لمستحقيها. قوله: (ثقوا) أي في جميع أموركم. قوله: ﴿ هُوَ ﴾ قدره إشارة إلى المخصوص بالمدح محذوف، وحذفه من الثاني لدلالة هذا عليه.