قوله: ﴿ بَعْدَ ذٰلِكَ ﴾ أي من الأمور العجيبة. قوله: ﴿ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ﴾ أي عند النفخة الثانية. إن قلت: ما حكمة اختلاف المتعاطفات بثم والفاء، لأنه ورد أن مدة كل طور أربعون يوماً، فإن نظر لآخر المدة وأولها، اقتضى أن يعطف بثم، وإن نظرها لآخرها، اقتضى أن يعطف بالفاء؟ أجيب: بأنه نزل التفاوت بين الأطوار منزلة التراخي والبعد الحسي، لأن حصول النطفة من التراب غريب جداً، وكذا جعلها دماً، بخلاف جعل الدم لحماً، فهو قريب لمشابهته في اللون أو الصورة، وكذا جعلها عظاماً، وأما جعلها خلقاً آخر فغريب، وكذا الموت والبعث، فظهر حكمة التعبير في كل موضع بما يناسبه. قوله: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ ﴾ المراد به جهة العلو، لأن كونها فوق، وإنما هو بعد خلق الخلق، وإلا فوقت خلق السماوات لم يكونوا مخلوقين. قوله: (لأنها طرق الملائكة) أي في العروج والهبوط والطيران، وقيل معنى طرائق مطروقات، أي موضوعاً بعضها فوق بعض، فهو معنى طباقاً في الآية الأخرى. قوله: ﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ ﴾ الجار والمجرور متعلق بأنزلنا. قوله: ﴿ بِقَدَرٍ ﴾ أي تقدير بجلب منافعهم ودفع مضارهم، وقيل المعنى بقدرحاجاتهم، وإليه يشير المفسر. قوله: ﴿ فَأَسْكَنَّٰهُ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ أي جعلناه ساكناً ثابتاً مستقراً في الأرض، بعضه على ظهرها، وبعضه في بطنها. قوله: ﴿ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَٰدِرُونَ ﴾ الباء في ﴿ بِهِ ﴾ للتعدية، والمعنى وإنا لقادرون على إذهابه. روى الشيخان عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن الله عز وجل، أنزل من الجنة خمسة أنهار: سيحون وجيحون ودجلة والفرات والنيل، أنزلها الله عز وجل من عين واحدة من عيون الجنة، من أسفل درجة من درجاتها، على جناحي جبريل، استودعها الجبال وأجراها في الأرض، وجعل فيها منافع للناس، فذلك قوله تعالى: ﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّٰهُ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج، أرسل الله عز وجل جبريل، فرفع من الأرض القرآن والعلم كله، والحجر الأسود من ركن البيت، ومقام إبراهيم، وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة فيرفع ذلك إلى السماء، فذلك قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَٰدِرُونَ ﴾ فإذا رفعت هذه الأشياء كلها من الأرض، فقد أهلها خير الدنيا والدين ". قوله: ﴿ لَّكُمْ فِيهَا ﴾ أي الجنات. قوله: ﴿ وَمِنْهَا ﴾ أي من ثمر الجنات، كالرطب والعنب والتمر والزبيب وغير ذلك.