قوله: ﴿ فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ ﴾ أي جعلوا دينهم فرقاً، فلذلك صاروا فرقاً مختلفة، كاليهود والنصارى والمجوس، وغير ذلك من الأديان الباطلة. قوله: ﴿ زُبُراً ﴾ جمع زبور بمعنى فريق. قوله: ﴿ فَرِحُونَ ﴾ أي لاعتقادهم أنهم على الحق. قوله: ﴿ فَذَرْهُمْ ﴾ الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والضمير لكفار مكة، كما أشار لذلك المفسر، وهو تسلية له. قوله: ﴿ فِي غَمْرَتِهِمْ ﴾ مفعول ثان لذرهم، أي مستقرين فيها، والغمرة في الأصل الماء الذي يغمر القامة، ثم استعير ذلك للجهالة، والغمر بالضم يقال لمن لم يجرب الأمور، والغمر بالكسر الحقد. قوله: ﴿ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ ﴾ بيان لما. قوله: ﴿ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ ﴾ إضراب انتقالي، أي لا يعلمون أن توسعة الدنيا ليست نائشة عن الرضا عليهم، بل استدراج لهم، قال تعالى:﴿ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً ﴾[آل عمران: ١٧٨].
قوله: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم ﴾ ﴿ ٱلَّذِينَ ﴾ اسم ﴿ إِنَّ ﴾، و ﴿ هُم ﴾ مبتدأ، و ﴿ مُّشْفِقُونَ ﴾ خبره و ﴿ مِّنْ خَشْيةِ ﴾ متعلق بمشفقون، وكذا يقال فيما بعده. قوله: ﴿ مُّشْفِقُونَ ﴾ الإشفاق الخوف مع زيادة التعظيم، فهو أعلى من الخشية، وهذه الأوصاف متلازمة من اتصف بواحد منها لزم منه الاتصاف بالباقي. قوله: (القرآن) أي وغيره من باقي الكتب السماوية. قوله: (يعطون) أشار بذلك إلى أن قوله: ﴿ يُؤْتُونَ ﴾ من الإيتاء وهو الإعطاء. قوله: ﴿ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ الجملة حالية من فاعل ﴿ يُؤْتُونَ ﴾ أي والحال أن قلوبهم خائفة من عدم قبول أعمالهم الصالحة، لما قام بقلوبهم من جلال الله وهيبته وعزته واستغنائه، ولذا ورد عن أبي بكر الصديق أنه قال: لا آمن مكر الله ولو كانت إحدى قدمي داخل الجنة والأخرى خارجها، وكان كثير البكاء من خشية الله، حتى أثرت الدموع في خديه. قوله: (يقدر قبله لام الجر) أي فيكون تعليلاً لقوله: ﴿ وَجِلَةٌ ﴾.
قوله: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ ﴾ هذه الجملة خبر عن قوله: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ ﴾ وما عطف عليه، فاسم ﴿ إِنَّ ﴾ أربع موصولات، وخبرها جملة ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ﴾ الخ. قوله: ﴿ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ الضمير قيل للخيرات وقيل للجنة وقيل للسعادة، وقوله: (في علم الله) أي كتبوا سابقين في علم الله، فظهر فيهم مقتضى سابقية العلم.