قوله: ﴿ ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ ﴾ كلام مستأنف سيق لتأكيد البراءة لعائشة، وتقبيحاً على من تكلم فيها. والمعنى أن المجانسة من دواعي الانضمام، فالخبيث لا يكاد يألف غير جنسه، والطيب كذلك، وهو بمعنى قولهم: وكل إناء بالذي فيه ينضح. قوله: ﴿ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ ﴾ الإشارة بذلك لرسول الله وعائشة، أي فحيث كان رسول الله أطيب الطيبين، تبين بذلك أن عائشة من أطيب الطيبات. (من الناس ومن الكلمات) هذان قولان في تفسير ﴿ ٱلْخَبِيثَاتُ ﴾ وقوله: (مما ذكر) أي من الناس والكلمات. قوله: (أي اللائق بالخبيث مثله) أي من نساء أو كلمات. قوله: (وقد افتخرت عائشة بأشياء) منها أن جبريل عليه السلام، أتى بصورتها في سرقة حرير وقال: هذه زوجتك، ويروى أنه أتى بصورتها في راحته، ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكراً غيرها، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرها وفي يومها، ودفن في بيتها وكان ينزل الوحي عليه وهي معه في اللحاف، ونزلت براءتها من السماء، وأنها ابنة الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلقت طيبة، ووعدت مغفرة ورزقاً كريماً، وفي القرطبي قال بعض أهل التحقيق: إن يوسف عليه الصلاة والسلام لما رمي بالفاحشة، برأه الله على لسان صبي في المهد، وإن مريم لما رميت بالفحشاء، برأها الله على لسان ولدها عيسى عليهما السلام، وإن عائشة لما رميت بالفحشاء، برأها الله بالقول، فما رضي لها براءة صبي ولا نبي، وحتى برأها الله بكلامه من القذف والبهتان. انتهى.