قوله: ﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ﴾ هذا أمر من الله سبحانه وتعالى للمؤمنات، بغض الأبصار وحفظ الفروج، وبسط الكلام في شأنهن، لأن النساء شأنهن التبرج والخيلاء والعجب لما روي: إذا أقبلت المرأة، جلس إبليس على رأسها فزينها لمن ينظر، وإذا أدبرت جلس على عجيزتها فزينها لمن ينظر، وقد اشتملت هذه الآية على خمس وعشرين ضميراً للإناث، ما بين مرفوع ومجرور، ولم يوجد لها نظير في القرآن في هذا الشأن. قوله: (عما لا يحل فعله بها) أي عن الأمر الذي لا يحل فعله بالفروج، كأن تمكن المرأة من فرجها غير زوجها نظراً أو فعلاً. قوله: ﴿ زِينَتَهُنَّ ﴾ أي موضع زينتهن. قوله: (فيجوز نظره لأجنبي) الخ، هذا مذهب مالك، وأحد قولين عند الشافعي. قوله: (حسماً للباب) أي سداً للذريعة. قوله: ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ ﴾ أي يلقين خمرهن على موضع جيوبهن، وهو العنق، والجيب في الأصل طوق القميص، وكانت النساء على عادة الجاهلية، يسدلن خمرهن من خلفهن، فتبدو نحورهن وقلائدهن من جيوبهن لسعتها، فأمرن بإرسال خمرهن على جيوبهن ستراً لما يبدو منها. قوله: ﴿ زِينَتَهُنَّ ﴾، أي موضع زينتهن. قوله: ﴿ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ ﴾ حاصل هذه المستثنيات اثنا عشر نوعاً آخرها أو الطفل. قوله: ﴿ أَوْ آبَآئِهِنَّ ﴾ أي وإن علوا. قوله: ﴿ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ ﴾ أي ولو من الرضاع وإن سفلوا. قوله: ﴿ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ ﴾ جمع آخر كان من نسب أو رضاع. قوله: ﴿ أَوْ نِسَآئِهِنَّ ﴾ أي نساء جنسهن اللاتي اشتركن معهن في الايمان، فيخرج الكافرات. قوله: (فيجوز لهم نظره) أي يجوز للرجال المحارم رؤية ما عدا ما بين السرة والركبة من محارمهم النساء. ويجوز لهن نظر ذلك منهم، وهذا مذهب الشافعي، وعند مالك لا يحل للرجال المحارم إلا نظر الوجه والأطراف من النساء المحارم، وأما النساء فيحل لها نظر ما عدا ما بين السرة والركبة من الرجال المحارم. قوله: (فلا يجوز للمسلمات الكشف لهن) أي باتفاق مالك والشافعي، لئلا تصفها الكافرة لأهل دينها فتحصل المفاسد. قوله: (العبيد) أي فيجوز أن يكشفن لهم، ما عدا ما بين السرة والركبة، ولكن بشرط العفة وعدم الشهوة من الجانبين، وهذا مذهب الشافعي، وعند مالك يفرق بين الوغد وغيره، فالوغد يرى من سيدته الوجه والأطراف، وغيره كالحر الأجنبي يرى منها الوجه والكفين. قوله: ﴿ أَوِ ٱلتَّابِعِينَ ﴾ الحق أن المراد بالتابع الشيخ الهرم الذي لا يشتهي النساء، أو الأبله الذي لا يعرف الأرض من السماء، ولا الرجل من المرأة. قوله: ﴿ غَيْرِ أُوْلِي ٱلإِرْبَةِ ﴾ بالكسر الحاجة. قوله: ﴿ مِنَ ٱلرِّجَالِ ﴾ حال من التابعين، أي فيجوز لمن ذكر نظر ما عدا ما بين السرة والركبة عند الشافعي، وعند مالك يحل نظر الوجه والأطراف فقط. قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىٰ عَوْرَاتِ ٱلنِّسَآءِ ﴾ اعلم أن الصبي إما لا يبلغ أن يحكي ما رأى، وهذا غيبته كحضوره، أو أن يبلغه وليس فيه ثوران شهوة وهذا كالمحرم، أو يعرف أمر الجماع والشهوة، وهذا كالبالغ باتفاق مالك والشافعي. قوله: ﴿ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ﴾ أي فإن ذلك يورث الرجال ميلاً إليهن، وهذا من باب سد الباب وتعليم الأحوط، وإلا فصوت الخلخال مثلاً ليس بعورة. قوله: ﴿ وَتُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً ﴾ هذا حسن اختتام لهذه الآية، كأن الله يقول: لا تقنطوا من رحمتي، فمن كان قد وقع منه شيء مما نهيته عنه فليتب، فإن التوبة فيها الفلاح والظفر بالمقصود. قوله: (تغليب الذكور) أي في قوله: ﴿ وَتُوبُوۤاْ ﴾ الخ.


الصفحة التالية
Icon