قوله: ﴿ وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَامَىٰ مِنْكُمْ ﴾ الخ، الخطاب للأولياء والسادات، والإنكاح تزويج الغير. قوله: (جمع أيم) أي بوزن فيعل، قيل غير مقلوب، وقيل إن الأصل أيائم فقلب. قوله: (هي من ليس لها زوج) الخ، أي فلفظ الأيم يطلق على كل من الرجل والمرأة الغير المتزوجين، سواء سبق لهما تزوج أو لا، والأمر للوجوب إن خيف الزنا على المرأة أو الرجل، أو اضطرت المرأة للنفقة، لكن المرأة يزوجها وليها، والرجل يتزوج بنفسه، إن كان رشيداً أو أذن له وليه، وهذا مذهب مالك والشافعي، وعند أبي حنيفة تزوج المرأة نفسها، فإن لم تخف الزنا، أو لم تضطر المرأة، كان مباحاً عند الشافعي، ومندوباً عند مالك وأبي حنيفة. واعلم أن النكاح تعتريه الأحكام الأربعة، فتارة يجب وذلك إذا خاف الزنا، ولو كان ينفق عليها من حرام، وتارة يندب إذا كان راغباً فيه ولم يخش الزنا وراجياً النسل، وتارة يحرم، كما إذا كان يقطعه عن عبادة واجبة، أن ينفق عليها من حرام من كونه لم يخش الزنا، وتارة يكره كما إذا كان يقطعه عن عبادة مندوبة. قوله: (وهذا في الأحرار) الخ، أي بقرينة قوله: ﴿ وَإِمائِكُمْ ﴾.
قوله: (أي المؤمنين) أي فالعبيد المؤمنون يزوجون وجوباً، إن خيف بتركه الزنا، وهذا عند الشافعي، وعند مالك لا يجب على السيد تزويج عبده، ولو خاف العبد الزنا، وحينئذ فالأمر عنده للندب. قوله: ﴿ مِنْ عِبَادِكُمْ ﴾ أي فيزوجه سيدة ولو بحرة، وقوله: ﴿ وَإِمائِكُمْ ﴾ أي فيزوج السيدة أمته لرقيق وكذا لحر، بشرط أن لا يجد للحرائر طولاً، وأن يخشى الزنا، ومحل الشرطين إن لم يكن عقيماً. قوله: (من جموع عبد) أي وله جموع أخر، كعبيد وأعابد وأعبد، ونحو ذلك. قوله: ﴿ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ ﴾ أي فإن في فضل الله كفاية عن المال، لقوله عليه الصلاة والسلام:" اطلبوا الغنى بالتزوج "فالمهم تزوج الصالحين من عباد الله نساء ورجالاً، وإن كانوا فقراء لما في الحديث:" تنكح المرأة لمالها وجمالها ودينها، فعليك بذات الدين تربت يداك ". قوله: ﴿ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ ﴾ أي ذو العطايا العظيمة التي لا تنفد. قوله: ﴿ عَلِيمٌ ﴾ (بهم) أي بحالهم فيغنيهم.