قوله: ﴿ أَلَمْ تَرَ ﴾ الخطاب لكل عاقل لا خصوص النبي صلى الله عليه وسلم، لأن من تأمل ذلك حصل له العلم به. قوله: ﴿ ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ﴾ أي بين أجزائه، لأن كل جزء سحاب، وبهذا اندفع ما قيل: إن بين لا تدخل إلا على متعدد، وإلى هذا يشير المفسر بقوله: (بضم بعضه إلى بعض) الخ، قوله: ﴿ رُكَاماً ﴾ الركام الشيء المتراكم بعضه على بعض. قوله: ﴿ فَتَرَى ٱلْوَدْقَ ﴾ أي تبصره. بقوله: (مخارجه) أي ثقبه، فالسحاب غربال المطر، قال كعب: لولا السحاب حين ينزل المطر من السماء، لأفسد ما يقع عليه من الأرض. قوله: ﴿ وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ ﴾ أشار بذلك إلى أن السماء كما ينزل منها المطر الذي هو نفع للعباد، ينزل منها بعض الجبال التي هي البرد، وهو ضر للعباد، فسبحان من جعل السماء منشأ للخير والشر. قوله: (زائدة) الحاصل أن من الأولى ابتدائية لا غير. والثانية فيها ثلاثة أوجه: قيل زائدة، وقيل ابتدائية، وقيل تبعيضية، وهو الأحسن، والثالثة فيها أربعة أوجه الثلاثة المتقدمة، وقيل بيانية، وهو الأحسن، وحينئذ فيكون المعنى على ذلك، وينزل بعض جبال كائنة في السماء التي هي البرد، إنزالاً ناشئاً ومبتدأ من السماء. قوله: ﴿ فِيهَا ﴾ الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لجبال. قوله: (بدل بإعادة الجار) هذا راجع لقوله: ﴿ مِن جِبَالٍ ﴾ والمناسب للمفسر أن يقول أو بدل، فيكون قولاً ثانياً، لأن هذا لا يتأتى على جعلها زائدة، بل على جعلها ابتدائية. قوله: ﴿ فَيُصِيبُ بِهِ ﴾ أي بالبرد. قوله: ﴿ سَنَا بَرْقِهِ ﴾ هو بالقصر في قراءة العامة معناه الضياء، وأما بالمد فمعناه الرفعة، وليس مراداً. قوله: (أي يحفظها) أشار بذلك إلى أن الباء في الأبصار للتعدية، والمعنى يذهبها بسرعة، لأن الضوء القوي يذهب الضعيف، ومن ذلك قوله الفقهاء: إذا فعل رجل بآخر فعلاً أذهب بصره، وأريد أن يقتص منه بإذهاب بصره، فإنه يؤتى له بمرآة وتوضع في الشمس، ويجلس الشخص قبالتها، وتقلب المرأة يميناً وشمالاً، فإن ذلك يخطف بصره. قوله: (أي ويأتي بكل منها بدل الآخر) أي ويقصر هذا ويطول هذا، وفي هذا رد على من ينسب الأمور للدهر. قوله: ﴿ لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ ﴾ جمع بصيرة، وخصهم بالذكر لأنهم المنتفعون بذلك، حيث يتأملون فيجدون الماء والنور والنار والظلمة تخرج من شيء واحد، فسبحان القادر على كل شيء. قوله: (على قدرة الله) متعلق بدلالة. قوله: (أي حيوان) أشار بذلك أن المراد بالدابة، ما دب على وجه الأرض، لا خصوص ذوات الأربع. قوله: (أي نطفة) هذا بحسب الغالب في الحيوانات الأرضية، وإلا فالملائكة خلقوا من النور، والجن خلقوا من النار، وآدم خلق من الطين، وعيسى خلق من النفس الذي نفخه جبريل في جيب أمه، والدود تخلق من الفاكهة والعفونات، وقيل المراد بالماء حقيقته لما ورد: أن الله خلق ماء، وجعل بعضه ريحاً ونوراً، فخلق منه الملائكة، وجعل بعضه ناراً فخلق منه الجن، وجعل بعضه طيناً فخلق منه آدم. قوله: ﴿ فَمِنْهُمْ ﴾ الضمير راجع لكل باعتبار معناه، وفيه تغليب العاقل على غيره، حيث أتى بضمير جماعة الذكور العقلاء في الجميع. قوله: ﴿ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ ﴾ قدمه لغرابته وسماه شيئاً مشاكلة لما بعده، وإلا فهو زحف. قوله: (كالحيات والهوم) بالتشديد أي خشاش الأرض، وأدخلت الكاف الدود والسمك. قوله: (كالإنسان والطير) أي النعام. قوله: ﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ﴾ أي ومنهم من يمشي على أكثر، كالعقارب والعنكبوت والحيوان المعروف بأم أربع وأربعين، وإنما لم يصرح بهذا القسم لندوره ولدخوله في قوله: ﴿ يَخْلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ ﴾.
قوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ أي مما ذكر ومما لم يذكر. قوله: ﴿ لَّقَدْ أَنزَلْنَآ ﴾ اللام موطئة لقسم محذوف، أي والله لقد أنزلنا، الخ، قوله: ﴿ مُّبَيِّنَاتٍ ﴾ بكسر الياء وفتحها قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ ﴾ أشار بذلك إلى أن الهدى بيد الله وعنايته، فلا يتهدي إلا من حفه الله بالعناية، فليس ظهور الآيات سبباً في الاهتداء دون عناية الله.