قوله تعالى: ﴿ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً ﴾ [٣]٣٠٦- أنا يعقوب بن إبراهيم، نا: يحيى بن سعيد، أنا أبو حيان، قال: حدثني أبو زُرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة، قال:" أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بلحْمٍ، فرُفع إليه الذِّراع وكانت تعجبه فنهش منها ثم قال: " أنا سيِّدُ الناس يوم القيامة، هل تدرون لم ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، يسمعهم الدَّاعي ويُنفذُهم البصر وتدْنُو الشمس فيبلغ الناس من الغمِّ والكرب ما لا يطيقون ولا يحملون، فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما أنتم فيه؟ ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: أبُوكم آدم فيأتون آدم فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، فاشفع لنا إلى ربك؛ ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم آدم عليه السلام -/: إنَّ ربي غَضِبَ اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله. وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته. نفسي نفسي. اذهبوا إلى غيري. اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وسمَّاك الله عبداً شكوراً. فاشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم نوح: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله. وأنه كان لي دعوة على قومي. نفسي نفسي، نفسي نفسي. اذهبوا إلى غيري. اذهبوا إلى إبراهيم فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض. فاشفع لنا إلى ربك. ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول إبراهيم: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله ولن يغضب بعده مثله. نفسي نفسي، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري. اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت فضَّلك الله برسالته وكلامه على الناس. اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم موسى: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله. وإني قتلت نفسا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري. اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى. أنت روح الله وكلمة منه ألقاها إلى مريم وروح منه وكلَّمت الناس في المهد. اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله - ولم يذكر له ذنباً - نفسي نفسي، نفسي نفسي. اذهبوا إلى غيري. اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين. فيأتون فيقولون: يا محمد، أنت رسول الله خاتم الأنبياء، غفر الله لك ما تقدم منه وما تأخر،/ اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فأقوم فآتي تحت العرش فأقع ساجداً إلى ربي. ويفتح الله علىَّ ويُلْهمني من محامِدِه وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد قبلي. فيقال: يا محمد ارفع رأسك. سَلْ تُعطَه. اشْفَع تُشفَّع. فأرفَعُ رأسي فأقول: ربِّ أمتي، أمتي يا ربِّ، أمتي يا ربِّ. فيُقال: يا محمد أَدْخِل من أُمَّتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن. وهم شُركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب. والذي نفسي بيده ما بين مصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبُصرى ".