﴿ تُولِجُ ٱللَّيْلَ ﴾ الولوج الدخول وهو هنا كناية عما نقص من الليل زيد في النهار، وما نقص من النهار زيد في الليل وذكروا اختلافاً كثيراً في الحي والميت والذي نختاره أنه أريد به التوالد فيخرج الحي وهو الذي قامت به حياة من الميت وهو الذي يأتي عليه الموت ويؤول إليه فيكون هذا مجازاً باعتبار المآل.﴿ وَتُخْرِجُ ٱلَمَيِّتَ ﴾ الذي هو سيموت وهذا مجاز من الحي الذي قامت به حياة وظاهرة التوالد الإِنساني، ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿ وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ ﴾ فأتى بمن التي تطلق على العقلاء.﴿ لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ ﴾ أي بالمعاملة الحسنة في الأفعال لقرابة أو صداقة وأما بالقلب فمنهي عنه، ولا يصدر ذلك عن مؤمن، بل المؤمن يوالي المؤمن بالمودة في الأفعال وبالقلب. ثم توعد تعالى بقوله: ﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ﴾ أي موالاة الكفار.﴿ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيْءٍ ﴾ أي هو بريء من الله. قال ابن عطية: فليس من الله في شيء معناه في شيء فرضيّ على الكمال والصواب، وهذا كما قال عليه السلام: من غشنا فليس منا. وفي الكلام حذف مضاف تقديره فليس من التقرب إلى الله والتزلف ونحو هذا وقوله في شيء هو في موضع نصب على الحال من الضمير الذي في قوله: ليس من الله. " انتهى ". هذا كلام مضطرب لأن تقديره فليس من التقرب إلى الله يقتضي أن لا يكون من الله خبراً لليس ولا يستقبل: وقوله: في شيء، هو في موضع نصب على الحال يقتضي أن لا يكون خبر فتبقى ليس على قوله لا يكون لها خبر وذلك لا يجوز وتشبيهه بقوله صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا إلى آخره. ليس بجيد لأن منّا خبر ليس وتستقل به الفائدة. وفي الآية ليس كذلك بل الخبر في شيء فليس الحديث كالآية. وكذلك قوله: إذا حاولت في أسد فجورا فإِني لست منك ولست منيوقرىء لا يتخذ برفع الذال على النفي والمراد به النهي، وفي قوله: فليس من الله محذوف تقديره من ولاية الله في شيء ومن دون متعلق بقوله: لا يتخذ والمعنى لا تجعلوا ابتداء الولاية من مكان دون مكان المؤمنين.﴿ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ ﴾ استثناء مفرغ من المفعول له. والمعنى لا يتخذ مؤمن كافر الشيء من الأشياء إلا بسبب التقية فيجوز إظهار الموالاة باللفظ والفعل دون ما ينعقد عليه القلب. وقال ابن عباس: التقية هنا المداراة ظاهرة، وقال: يكون مع الكفار أو بين أظهرهم فيتقيهم بلسانه ولا مودة لهم في قلبه وتتقوا خطاب وهو التفات لأنه خرج من الغيبة إلى الخطاب ولو جاء على نظم الأول لكان إلا أن يتقوا بالياء المعجمة من أسفل، وهذا النوع في غاية الفصاحة لأنه لما كان المؤمنون نهوا عن فعل ما لا يجوز جعل ذلك في اسم غايب فلم يواجهوا بالنهي ولما وقعت المسامحة والإِذن في بعض ذلك ووجهوا بذلك إيذاناً بلطف الله تعالى بهم وتشريفاً بخطابه إياهم. وقرىء تقاة وتقيّة وأصل تقاة وقَيَه أبدلت الواو فيها تاء وهما مصدران جاءا على غير الصدر لأنه لو جاء على تتقوا لكان اتقاء وتجويز أبي على أن تكون تقاة جمعاً لتقي فيكون نصبه على الحال المؤكدة كتقية بعيد لأنه يكون مثل كميّ وكماة وهو شاذ وقياس تقيّ أن يقال أتقياء كغنى أغنياء. قال الزمخشري: إلا أن تخافوا من جهتهم أمراً يجب اتقاؤه فنصب تقاة على أنه مفعول به ويدل على المصدرية قوله تعالى:﴿ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾[آل عمران: ١٠٢].
﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ ﴾ قال ابن عباس: بطشه.﴿ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ ﴾ أي الصيرورة والمرجع فيجازيكم ان ارتكبتم موالاتهم بعد النهي.