﴿ إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَٰثاً ﴾ المعنى ما يعيدون من دون الله ويتخذونه إليها إلا مسميّات تسمية الإِناث وكني بالدعاء عن العبادة لأن من عبد شيئاً دعاه عند حوائجه ومصالحه وكانوا يحلون الأصنام بأنواع الحلى ويسمونها أنثى وإناث جمع أنثى كرباب جمع ربّيّ وان نافية ويدعون يحتاج إلى مفعول وهو محذوف تقديره ما يدعون من دونه أي من دون الله أحداً إلا إناثاً فإِناثاً مفعول بيدعون وهو استثناء مفرغ ونكر شيطاناً مريداً تحقيراً لشأنه ومريداً فعيل للمبالغة في اسم الفاعل الذي هو ما رد من مرد أي عتا وعلا في الحذاقة وتجرد للشر والغواية والمراد به إبليس يدل عليه ما قاله بعد.﴿ نَصِيباً مَّفْرُوضاً ﴾ أي نصيباً واجباً اقتطعه لنفسه من قولهم فرض الله له في العطاء، والمعنى لاستخلصنّهم بغوايتي ولأحضّنّهم بإِضلالي وهم الكفرة والعصاة هذه خمسة أقسم إبليس عليها أحدها اتحاذ نصيب من عبادة الله وهو اختياره إياهم. والثاني: إخلالهم وهو صرفهم عن الهداية وأسبابها. والثالث: تمنيته لهم وهو التسويل ولا ينحصر في نوع واحد لأنه تمني كل إنسان بما يناسب حاله من طول عمر وبلوغ وطر وغير ذلك وهي كلها أماني كواذب باطلة.﴿ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ ﴾ البتك: الشق، والقطع بتك بيتك وبتّك للتكثير، والبتك القطع واحدها بتكة. قال الشاعر: حتى إذا ما هوت كف الوليد لها   طارت وفي كفه من ريشها تبكومفعول لآمرنهم الثاني محذوف تقديره ولآمرنهم بالتبتيك وكذلك الثاني أي ولآمرنهم بتغيير خلق الله وحذف لدلالة المعنى عليه.﴿ فَلَيُغَيِّرُنَّ ﴾ عن ابن عباس وغيره أراد تغيير دين الله.﴿ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ﴾ أخبر تعالى بصدور ما وعدهم به إبليس واحتمل النصب في قوله غروراً أن يكون مفعولاً ثانياً ليعدهم أو مفعولاً من أجله أي لأجل الغرور أو مصدراً على غير الصدر لتضمين يعدهم معنى يعزهم ويكون ثم وصف محذوف أي إلا غروراً واضحاً أو نحوه أو نعتاً لمصدر محذوف على حذف مضاف أي وعداً ذا غرور﴿ مَحِيصاً ﴾ المحيص مفعل من حاص يحيص إذا زاغ بنفور.


الصفحة التالية
Icon