﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ ﴾ الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم. ووجد بمعنى علم يتعدى إلى اثنين وهو قول من وقفت على كلامه من المفسرين في تجد هنا ويحتمل أن يكون بمعنى لقي وأصاب وأحرص حال أن قلنا أن إضافته غير محضة وقد أضيفت إلى اسم معرفة فيجوز الافراد كهذا والمطابقة كقوله: أكابر مجرميها، وتعين الافراد ليس بصحيح خلافاً لمن قاله والضمير عائد على اليهود. و ﴿ ٱلنَّاسِ ﴾ ألْ فيه للجنس.﴿ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ ﴾ هم المجوس أو مشركوا العرب لأن من لا يؤمن ببعث فليس عنده إلا نعيم الدنيا أو بؤسها ونكر حياة أي أدنى حياة وهو أقل ما ينطلق عليه اللفظ وقرىء على الحياة ومن يحتمل أن يكون مندرجاً تحت ما قبله مراعاة للمعنى، إذ معناه: إحرص من الناس. أو يكون التقدير واحرص من الذين أشركوا وحذف إحرص لدلالة السابق عليه وهو تخصيص بعد تعميم وفيه أعظم توبيخ لليهود إذ هم أهل الكتاب يرجون ثواباً ويخافون عقاباً ويحتمل أن لا يكون مندرجاً بل أخبر أنه من الذين أشركوا قوم.﴿ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ ﴾ وحذف المبتدأ كما حذف في قولهم: منا ظعن ومنا أقام. وعلى القول الأول يكون يود استئناف إخبار أحدهم، أي واحد منهم وهو عام عموم البدل. و " لو " عند بعض الكوفيين مصدرية بمعنى أن التقديران " يعمر " وعلى قواعد البصريين لو على بابها ومفعول يود محذوف أي التعمير لدلالة لو يعمر وجواب لو محذوف أي لسر لذلك وودّه. وقال الزمخشري: فإِن قلت كيف اتصل لو يعمر بيود أحدهم؟ قلت: هو حكاية لودادتهم ولو في معنى التمني وكان القياس لو أعمر إلا أنه جرى على لفظ الغيبة قوله: يود أحدهم. كقولك: حلف بالله ليفعلن. انتهى كلامه وفيه بعض إبهام وذلك أن يود فعل قلبي وليس فعلاً قولياً ولا معناه معنى القول، وإذا كان كذلك فكيف يقول هو حكاية لودادتهم إلا أن ذلك لا يسوغ إلا على تجوز وذلك أن يجري يود معنى يقول، لأن القول ينشأ عن الأمور القلبية فكأنه قال: يقول أحدهم عن ودادة من نفسه لو أعمر ألف سنة وما هو أي أحدهم وهو اسم ما إن كانت حجازية ومبتدأ إن كلت تميمية. و ﴿ بِمُزَحْزِحِهِ ﴾ في موضع الخبر. وان يعمر: فاعل بمزحزحة، أي: وما أحدهم بمزحزحة.﴿ مِنَ ٱلْعَذَابِ ﴾ تعميره وقالت مزقة: هو عماد وذلك أن العماد في مذهب بعض الكوفيين يجوز أن يتقدم مع الخبر على المبتدأ فإِذا قلت: ما زيد هو القائم. جوزوا أن يقول: ما هو القائم زيد. فتقدير الكلام عندهم وما تعميره هو بمزحزحة ثم قدم الخبر مع العماد فجاء وما هو بمزحزحة من العذاب.﴿ أَن يُعَمَّرَ ﴾ أي تعميره ولا يجوز ذلك عند البصريين لأن شرط الفصل عندهم أن يكون متوسطاً. وأجاز أبو علي في الحلبيات ان يكون هو ضمير الشأن وهذا ميل منه إلى مذهب الكوفيين وهو أن نفسر ضمير الشأن وهو المسمى عندهم بالمجهول يجوز أن يكون غير جملة إذا انتظم اسناداً معنوياً نحو: ظننته قائماً زيد وما هو بقائم زيد، فهو مبتدأ ضمير مجهول عندهم، وبقائم في موضع الخبر، وزيد فاعل بقائم، فكأنّ المعنى عندهم: ما هو يقوم زيد. ولا يجوز في مذهب البصريين أن يفسر إلا بجملة مصرح بجزأيها سالمة من حرف جر. وقرىء ﴿ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ بالياء جرياً على الغيبة، وبالتاء على سبيل الالتفات ويتضمن التهديد والوعيد وكنى ببصير عن عليم مبالغة في إدراك الخفيات.