﴿ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ﴾ أي مثل ذلك الجزاء نجزي.﴿ مَنْ أَسْرَفَ ﴾ أي جاوز الحد في المعصية ثم أخبر تعالى أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا لأنه أعظم منه وأبقى أي منه لأنه دائم مستمر وعذاب الدنيا منقطع.﴿ أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ ﴾ الآية وبخهم تعالى وذكرهم العبر بمن تقدّم من القرون ويعني بالاهلاك الاهلاك الناشىء عن التكذيب بالرسل وترك الإِيمان بالله واتباع رسوله والفاعل في ليهد ضمير عائد على الله ويؤيد هذا التخريج قراءة من قرأ بالنون نهد ومعناه نبين وكم خبرية مفعوله بأهلكنا التقدير كثيراً أهلكنا والضمير فى يمشون عائد على ما عاد عليه هم وهم الكفار الموبخون يريد قريشاً وغيرهم.﴿ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ ﴾ جملة في موضع الحال من ضمير لهم والعامل نهد أي ألم نبين للمشركين في حال مشيهم في مساكن من أهلك من الكفار وقيل حال من مفعول أهلكنا أي أهلكناهم غارين آمنين متصرفين في مساكنهم.﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ ﴾ أي ان في ذلك التبيين بإِهلاك القرون الماضية لآيات.﴿ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ ﴾ أي العقول السليمة لم يبين تعالى الوجه الذي لأجله لا ينزل العذاب معجلاً على من كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم والكلمة السابقة هي العدة بتأخير جزائهم إلى الآخرة قال تعالى:﴿ بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ ﴾[القمر: ٤٦] يقول: لولا العدة لكان العذاب لزاماً أي لازماً والظاهر عطف وأجل مسمى على كلمة وأخر المعطوف على المعطوف عليه وفصل بينهما بجواب لولا لمراعاة الفواصل ورؤوس الآي ثم أمره تعالى بالصبر على ما يقول مشركو قريش وهم الذين عاد عليهم الضمير في أفلم يهد لهم وأمره بالتسبيح مقروناً بالحمد وهو الثناء عليه قبل طلوع الشمس وهو صلاة الصبح وقبل غروبها وهي صلاة الظهر والعصر ومن آناء الليل الآناء جمع أني وهو الوقت ووزنه فعل كمعى وإمعاء وهو متعلق بقوله: فسبح كما تقول بزيد فامرر.﴿ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ ﴾ منصوب على الظرف وهي أعم مما بين القبلين يشير إلى تنفل الضحى وغير ذلك.﴿ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ ﴾ قرىء: بفتح التاء وضمها.﴿ وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ﴾ الآية تقدم الكلام على مثلها في سورة الحجر. و ﴿ زَهْرَةَ ﴾ منصوب على الظرف الزماني لإِضافتها إليه وقرىء: زهرة بفتح الهاء وسكونها نحو نهر ونهر ما يروق من النور وسراج زاهر له بريق وإلا نجم الزهر المضيئة وأزهر الشجر بدا نوره.﴿ لِنَفْتِنَهُمْ ﴾ متعلق بمتعنا والضمير في فيه عائد على ما الموصولة بمتعنا.﴿ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ ﴾ أي خير مما متعنا به هؤلاء في الدنيا.﴿ وَأَبْقَىٰ ﴾ أي أدوم.﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ ﴾ أمره تعالى بأن يأمر أهله بالصلاة التي هي بعد الشهادة آكد أركان الإِسلام وأمره بالاصطبار على مداومتها ومشاقها وأن لا يشتغل عنها وأخبره تعالى أنه لا يسأله أن يرزق نفسه ولا أن يسعى في تحصيل الرزق ويدأب في ذلك بل أمره بتفريغ باله لأمر الآخرة ويدخل في خطابه صلى الله عليه وسلم أمته.﴿ وَٱلْعَاقِبَةُ ﴾ أي الحميدة وأحسن العاقبة لأهل التقوى.﴿ وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا ﴾ لولا للتحضيض وهذه عادتهم في اقتراح الآيات كأنهم جعلوا من ظهر من الآيات ليس بآيات فاقترحوا هم ما يختارون على ديدنهم في التعنت فأجيبوا بقوله:﴿ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ ﴾ كصحف إبراهيم والتوراة والإِنجيل والزبور وغيرهما من الكتب الإِلهية وقرىء: تأتهم بالتاء وبالياء وفي هذا الاستفهام توبيخ لهم.﴿ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ ﴾ الضمير في من قبله عائد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أي من قبل بعثته.﴿ لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ ﴾ لولا للتحضيض.﴿ فَنَتَّبِعَ ﴾ منصوب بإِضمار أن بعد الفاء وهو جواب التحضيض.﴿ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ ﴾ الذل والخزي مقترنان بعذاب الآخرة.﴿ قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ ﴾ أي مناو منكم منتظر عاقبة أمره.﴿ فَتَرَبَّصُواْ ﴾ وفي ذلك تهديد لهم ووعيد وأفرد الخبر وهو متربص حملاً على لفظ كل كقوله تعالى:﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ ﴾[الإسراء: ٨٤] والتربص الثاني والانتظار للفرج. و ﴿ مَنْ ﴾ مبتدأ وهو استفهام. و ﴿ أَصْحَابُ ﴾ خبر والجملة في موضع نصب والفعل قبلها معلق عنها والسوي المستقيم.﴿ وَمَنِ ٱهْتَدَىٰ ﴾ معطوف على من.