﴿ وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ ﴾ تقدم الكلام عليه وهذه النفخة هي نفخة الفزع وروى أبو هريرة أن الملك له في الصور ثلاث نفخات نفخة الفزع وهو فزع الحياة الدنيا وليس بالفزع الأكبر ونفخة الصعق ونفخة القيام من القبور وعبر هنا بالماضي في قوله: ففزع وإن كان لم يقع إشعاراً بصحة وقوعه وأنه كائن لا محالة.﴿ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ ﴾ أي فلا ينالهم هذا الفزع وروي أبو هريرة حديثاً" أنهم الشهداء متقلدون السيوف حول العرش "وقد صححه القاضي أبو بكر بن العربي وقرىء: أتوه فعلاً ماضياً وآتوه إسم فاعل والضمير في آتوه عائد على الموقف يجوز أن يراد رجوعهم إلى الله وانقيادهم له. و ﴿ دَاخِرِينَ ﴾ حال ومعناه منقادين ذليلين.﴿ وَتَرَى ٱلْجِبَالَ ﴾ هو من رؤية العين.﴿ تَحْسَبُهَا ﴾ حال من فاعل ترى أو من الجبال وجامدة من جمد مكانه إذا لم يبرح منه وهذه الحال للجبال عقيب النفخ في الصور وهي أول أحوال الجبال تموج وتسير ثم ينسفها الله فتصير كالعهن ثم تكون هباءً منبثاً في آخر الأمر.﴿ وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ ﴾ جملة حالية أي تحسبها في رأى العين ثابتة مقيمة في أماكنها وهي سائرة وتشبيه مرورها بمر السحاب في كونها تمر مراً حثيثاً كمر السحاب وانتصب.﴿ صُنْعَ ٱللَّهِ ﴾ على أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة التي تليها. فالعامل فيه مضمر من لفظه والحسنة الإِيمان ورتب على ذلك شيئين أحدهما أنه له خير منها ويظهر أن خير ليس أفعل تفضيل ومن لابتداء الغاية أي له خير من الخيور مبدؤه ومنشؤه منها أي من جهة هذه الحسنة أو خير هنا الثواب والأجر والأمن من الفزع وقرىء: من فزع بالتنوين * ويومئذٍ منصوب على الظرف معمول لقوله آمنون أو لفزغ أو في موضع الصفة لفزع أي كائن في ذلك الوقت وقرىء بإِضافة فزع إلى يومئذٍ بكسر الميم حركة إعراب وفتحها حركة بناء لإِضافة إلى مبنى والتنوين في يومئذٍ تنوين العوض حذفت الجملة وعوض منها والأولى أن تكون الجملة المحذوفة ما قرب من الظرف أي يوم إذ جاء بالحسنة والسيئة الكفر والمعاصي فيمن ختم الله عليه من أهل المشيئة بدخول النار وخصت الوجوه إذ كانت أشرف الأعضاء ويلزم من كبها في النار كب الجميع أو عبر بالوجه عن جملة الإِنسان والظاهر من كب أنهم يلقون في النار منكوسين أعلاهم قبل أسفلهم.﴿ هَلْ تُجْزَوْنَ ﴾ خطاب لهم على إضمار القول أي يقال لهم وقت الكب هل تجزون ثم أمر تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أن يقول:﴿ إِنَّمَآ أُمِرْتُ ﴾ والآمر هو الله تعالى على لسان جبريل عليه السلام.﴿ أَنْ أَعْبُدَ ﴾ أي أفرده بالعبادة والبلد هي مكة وأسند التحريم إليه تشريفاً لها واختصاصاً.﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴾ أي المنقادين إلى أمر الله فأعبده كما أمرني.﴿ وَأَنْ أَتْلُوَ ٱلْقُرْآنَ ﴾ أي أتلو عليكم القرآن.﴿ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ ﴾ به ووحد الله تعالى وامتثل أمر نبيه عليه الصلاة والسلام وآمن بما جاء به فثمرة هدايته مختصة به.﴿ وَمَن ضَلَّ ﴾ فوبال ضلاله مختص به حذف جواب من ضل لدلالة مقابلة عليه ويحتمل أن يكون:﴿ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ ﴾ ويحتاج إلى رابط يعود على من تقديره من المنذرين له.﴿ وَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ﴾ أمر أن يقول ذلك فيحمد ربه على ما خصه به من شرف النبوة والرسالة.﴿ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ ﴾ تهديد لأعدائه بما يريهم الله من آياته التي تضطرهم إلى معرفتها والإِقرار إلى أنها آيات الله تعالى ولما قسمهم إلى مهتد وضال أخبر تعالى أنه محيط بأعمالهم غير غافل عنها وقرىء يعملون بياء الغيبة التفاتاً من ضمير الخطاب إلى ضمير الغيبة.