﴿ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ ﴾ أمر بالتقوى وخروج من الغيبة إلى الخطاب أي واتقين الله فيما أمرتن به من الاحتجاب وأنزل فيه الوحي من الاستتار كان في الكلام جملة حذفت تقديره اقتصرن على هذا واتقين الله فيه أن تتعدينه إلى غيره ثم توعد بقوله:﴿ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ أي من السر والعلن وظاهر الحجاب وباطنه وغير ذلك.﴿ شَهِيداً ﴾ لا تتفاوت الأحوال في علمه.﴿ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ ﴾ روي أنه لما نزلت هذه الآية" قال قوم من الصحابة هذا السلام عليك يا رسول الله عرفناه فكيف نصلي عليك قال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وارحم محمداً وآل محمدا كما رحمت وباركت على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ".﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ ﴾ كان دأب الجاهلية أن تخرج الحرة والأمة مكشوفتي الوجه في درع وخمار وكان الزناة يتعرضون إذا خرجن بالليل لقضاء الحوائج في النخيل والغيطان للإِماء وربما تعرضوا للحرة بعلة الأمة يقولون حسبناها أمة فأمرن أن يخالفن بزيهن عن زي الإِماء بلبس الأردية والملاحف وستر الرؤوس والوجوه ليحتشمن ويهبن ولا يطمع فيهن طامع والجلابيب الأردية التي تستر من فوق إلى أسفل وقيل غير ذلك.﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ تأنيس للنساء في ترك الاستتار قبل أن يؤمرن بذلك ولما ذكر حال المشرك الذي يؤذي الله ورسوله والمجاهر الذي يؤذي المؤمنين ذكر حال المسر الذي يظهر الحق ويضمر الباطل وهو المنافق ولما كان المؤذون ثلاثة باعتبار إذايتهم لله ولرسوله وللمؤمنين كان المشركون ثلاثة منافق ومن في قلبه مرض ومرجف فالمنافق يؤذي سراً والثاني يؤذي المؤمن باتباع نسائه والثالث يرجف بالرسول يقول غلب سيخرج من المدينة سيؤخذ هزمت سراياه وظاهر العطف التغاير بالشخص فيكون المعنى لئن لم ينته المنافقون عن عداوتهم وكيدهم والفسقة عن فجورهم والمرجفون عما يؤلفون من أخبار السوء ويشيعونه.﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ﴾ أي لنسلطنك عليهم.﴿ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ ﴾ أي في المدينة وثم لا يجاورونك معطوف على لنغرينك ولم يكن العطف بالفاء لأنه لم يقصد أنه متسبب عن الإِغراء بل كونه جواباً للقسم أبلغ وكان العطف بثم لأن الجلاء عن الوطن كان أعظم عليهم من جميع ما أصيبوا به فتراخت حالة الجلاء عن حالة الإِغراء.﴿ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ أي إلا جواراً قليلاً وانتصب.﴿ مَّلْعُونِينَ ﴾ على الذم ومعنى ثقفوا حصروا وظفر بهم أخذوا أسروا والأخيذ الأسير.﴿ سُنَّةَ ٱللَّهِ ﴾ مصدر مؤكد أي سن الله في الذين ينافقون الأنبياء أن يقتلوا حيث ما ظفر بهم.﴿ يَسْأَلُكَ ٱلنَّاسُ ﴾ أي المشركون عن وقت قيام الساعة استعجالاً على سبيل الهزء واليهود على سبيل الإِمتحان إذ كانت معمي وقتها في التوراة فنزلت الآية بأن يرد فيها العلم إلى الله إذ لم يطلع عليها ملكاً ولا نبياً ولما ذكر حالهم في الدنيا أنهم ملعونون مهانون مقتولون بين حالهم في الآخرة.﴿ وَمَا يُدْرِيكَ ﴾ ما إستفهام في موضع رفع بالابتداء أي وأي شىء يدريك بها ومعناه النفي أي ما يدريك بها أحد.﴿ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً ﴾ بين قرب الساعة وفي ذلك تبكيت للممتحن وتهديد للمستعجل وانتصب قريباً على الظرف أي في زمان قريب إذ استعماله ظرفاً كثير.﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ ﴾ يجوز أن ينتصب يوم بقوله: لا يجدون ويكون يقولون استئناف اخبار عنهم أو تم الكلام عند قوله ولا نصيراً وينتصب يوم بقوله يقولون والوجه أشرف ما في الإِنسان فإِذا قلب في النار كان تقليب ما سواه أولى أو عبر بالوجه عن الجملة وتمنيهم حيث لا ينفع وتشكيهم من كبرائهم لا يجدي وقرىء ساداتنا وسادتنا على الجمع ولما لم يبد تمنيهم الإِيمان وطاعة الله ورسوله ولا قام لهم عذر في تشكيهم ممن أضلهم دعوا على ساداتهم بقولهم ربنا آتهم ضعفين من العذاب ضعفاً على ضلالهم في أنفسهم وضعفاً على إضلال من أضلوا.﴿ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ ﴾ قيل نزلت في شأن زيد وزينب وما سمع فيه من مقالة بعض الناس وقيل المراد حديث الإِفك قيل ما أوذي نبي مثل ما أوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث القسمة فصبر وقال رحم الله أخي موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر وان إذاية موسى عليه السلام قولهم فيه: انه آدر وقيل غير ذلك.﴿ إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ ﴾ لما أرشد المؤمنين إلى ما أرشد من ترك الأذى واتقاء الله وسداد القول ورتب على الطاعة ما رتب تبين أن ما كلفه الإِنسان أمر عظيم فقال إنا عرضنا الأمانة تعظيماً لأمر التكليف والأمانة الظاهر أنها كل ما يؤمن عليه من أمر ونهي وشأن دين ودنيا فالشرع كله أمانة والظاهر عرض الأمانة على هذه المخلوقات العظام وهي الأوامر والنواهي فتثاب إن أحسنت وتعاقب إن أساءت فأبت وأشفقت ويكون ذلك بإِدراك خلقه الله تعالى فيها وهذا غير مستحيل إذ قد سبح الحصى في كفه عليه السلام وحن الجذع إليه وكلمته الذراع فيكون هذا العرض والإِباء حقيقة قال ابن عباس: أعطيت الجمادات فهماً وتمييزاً فخيرت في الحمل وذكر الجبال مع أنها من الأرض لزيادة قوتها وصلابتها تعظيماً للأمر.﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً ﴾ وصفه بالظلم تاركاً لأداء الأمانة وبالجهل لأخطائه ما يسعده * واللام في:﴿ لِّيُعَذِّبَ ﴾ لام الصيرورة لأنه لم يحملها لأن يعذب لكنه حملها فآل الأمر إلى أن يعذب من نافق وأشرك ويتوب على من آمن.