﴿ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾ هو البرهان الذي ظهر على يديه من قلب العصا واليد البيضاء وغير ذلك.﴿ فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ ﴾ أي أعرض وازور كما قال ونأى بجانبه.﴿ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ﴾ تردد في كذبه.﴿ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ ﴾ أي رميناهم في البحر كما يرمي الحصا.﴿ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴾ أي أتى من المعاصي بما يلام عليه من دعواه الإِلهية وغير ذلك والعقيم والتي لا خير منها من إنساء مطر أو إلقاح شجر.﴿ مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ ﴾ أي سلطت عليه.﴿ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ ﴾ جملة حالية والرميم تقدم تفسيرة في يس.﴿ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ ﴾ قال الحسن: هذا كان حين بعث إليهم صالح أمروا بالإِيمان بما جاء به والتمتع إلى أن تأتي آجالهم ثم أنهم عتوا بعد ذلك ولذلك جاء العطف بالفاء المقتضية تأخر العتو عن ما أمروا به فهو مطابق لفظاً ووجوداً والصاعقة الصيحة.﴿ وَهُمْ يَنظُرُونَ ﴾ أي فجأة وهم ينظرون بعيونهم وكانت نهاراً أو هم ينظرون ينتظرون ذلك في تلك الآيام الثلاثة التي أعلموا فيها ورأوا علاماته في قلوبهم وانتظار العذاب أشدّ من العذاب.﴿ فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مِن قِيَامٍ ﴾ كقوله فأصبحوا في دارهم جاثمين ونفي الاستطاعة أبلغ من نفي القدرة.﴿ وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ ﴾ أبلغ من نفي الإِنتصار أي فما قدروا على الهرب ولا كانوا ممن ينتصر لنفسه فيدفع ما حل به. وقرىء وقوم نوح بالجر عطفاً على المجرور قبل ذلك وبالنصب على إضمار فعل تقديره وأهلكنا قوم نوح.﴿ وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَاهَا بِأَييْدٍ ﴾ أي وبنينا السماء فهو من باب الاشتغال وكذا والأرض فرشناها وبأيد أي بقوة قاله ابن عباس.﴿ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ أي بناءها فالجملة حالية أي بنيناها بتوسيعها كقوله: جاء زيد وإنه لمسرع أي مسرعاً فهي بحيث أن الأرض وما يحيط بها من الماء والهواء كالنقطة في وسط الدائرة.﴿ فَنِعْمَ ٱلْمَاهِدُونَ ﴾ المخصوص بالمدح محذوف تقديره نحن.﴿ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ﴾ أي من الحيوان خلقنا زوجين ذكراً وأنثى.﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ عظيم قدرنا.﴿ فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ ﴾ أمر بالدخول في الإِيمان وطاعة الله تعالى وجعل الأمر بذلك بلفظ الفرار لينبه على أن وراء الناس عقاباً وعذاباً دامراً حقه أن يفر منه فجمعت لفظ ففروا بين التحذير والاستدعاء وينظر إلى هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم:" لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ".﴿ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ ﴾ أي من العذاب.﴿ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * وَلاَ تَجْعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ ﴾ نهى عن جعل شريك له تعالى وكرر أني لكم منه نذير على سبيل التوكيد.﴿ كَذَلِكَ ﴾ أي أمر الأمم السابقة عند مجيء الرسل إليهم مثل الأمر من الكفار الذين بعثت إليهم وهو التكذيب.﴿ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ﴾ أو للتفصيل أي قال بعض: ساحر وقال بعض: مجنون وقال بعض: كلاهما ألا ترى أن قوم نوح عليه السلام لم يقولوا عنه ساحر بل قالوا به جنة فجمعوا في الضمير ودلت أو على التفصيل.﴿ أَتَوَاصَوْاْ بِهِ ﴾ أي بذلك القول وهو توقيف وتعجيب من توارد نفوس الكفرة على تكذيب الأنبياء مع افتراق أزمانهم.﴿ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴾ أي لم يتواصوا به لأنهم لم يكونوا في زمان واحد بل جمعتهم علة واحدة وهي كونهم طغاة فهم مستعلون في الأرض مفسدون فيها عاتون.﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ﴾ أعرض عن الذين كررت عليهم الدعوة فلم يجيبوا.﴿ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ ﴾ إذ قد بلغت ونصحت.﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ تؤثر فيهم وفيمن قدر الله أن يؤمن وما دل عليه الظاهر من الموادعة منسوخ بآية السيف وعن علي رضي الله عنه لما نزل فتول عنهم فما أنت بملوم حزن المسلمون وظنوا أنه أمر بالتولي عن الجميع وأن الوحي قد انقطع حتى نزلت وذكر فإِن الذكرى تنفع المؤمنين فسروا بذلك.﴿ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾ أي معدين ليعبدون وكأن الآية تعديد نعم أي خلقت لهم حواس وعقولاً وأجساماً منقادة نحو العبادة كما تقول هذا مخلوق لكذا وإن لم يصدر منه الذي خلق له كما تقول القلم مبري لأن يكتب به وقد لا يكتب به.﴿ مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ ﴾ أي أن يرزقوا أنفسهم ولا غيرهم.﴿ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ﴾ أي أن يطعموا خلقي وهو على حذف مضاف بالإِضافة إلى الضمير تجوز قاله ابن عباس.﴿ ٱلْمَتِينُ ﴾ الشديد القوة العظيمها.﴿ فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ﴾ هم أهل مكة وغيرهم من الكفار الذين كذبوا الرسول عليه السلام.﴿ ذَنُوباً ﴾ أي حظاً ونصيباً.﴿ مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ ﴾ من الأمم السابقة التي كذبت الرسل في الإِهلاك والعذاب ويجمع في القلة على أذنبة وفي الكثرة على ذنابيب وقال علقمة بن عبدة: وفي كل حي قد خبطت بنعمة فحق لشاس من نداك ذنوب﴿ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ ﴾ قيل يوم بدر وقيل يوم القيامة.﴿ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ ﴾ أي به أو يوعدونه.