﴿ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ ﴾ هذه السورة مكية ومناسبتها لما قبلها أنه لما حكى تمادي قوم نوح في الكفر وعكوفهم على عبادة الأصنام وكان أول رسول إلى الأرض كما أن محمداً صلى الله عليه وسلم آخر رسول إلى الأرض والعرب الذي هو منهم كانوا عباد أصنام كقوم نوح حتى أنهم عبدوا أصناماً مثل أصنام أولئك في الأسماء وكان ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن هادياً إلى الرشد وقد سمعته العرب وتوقف عن الإِيمان به أكثرهم أنزل الله تعالى سورة الجن إثر سورة نوح تبكيتاً لقريش والعرب في كونهم تباطؤا عن الإِيمان إذ كانت الجن خيراً منهم وأقبل إلى الإِيمان هذا وهم من غير جنس الرسول عليه السلام ومع ذلك فبنفس ما سمعوا القرآن استعظموه وآمنوا به للوقت وعرفوا أنه ليس نمط كلام الناس بخلاف العرب فإِنه نزل بلسانهم وعرفوا كونه معجزاً وهم مع ذلك مكذبون له ولمن جاء به حسداً وبغياً ان ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده وأنه استمع في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله أي استماع نفر من الجن والمشهور أن هذا الاستماع هو المذكور في الاحقاف وهي قصة واحدة وقيل قصتان والجن الذين أتوه بمكة جن نصيبين والذين أتوه بنخلة جن نينوى والسورة التي استمعوها قال عكرمة: سورة اقرأ باسم ربك الأعلى وقيل سورة الرحمٰن ولم تتعرض الآية لا هنا ولا في الأحقاف إلى أنه رآهم وكلمهم عليه السلام ويظهر من الحديث أن ذلك كان مرتين. إحداهما في مبدأ مبعثه عليه السلام وهو في الوقت الذي أخبره فيه عبد الله بن مسعود أنه لم يكن معه ليلة الجن وقد كانوا فقدوه صلى الله عليه وسلم فالتمسوه في الأودية والشعاب فلم يجدوه فلما أصبح إذا هو جاء من قبل حراء وفيه أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن فانطلق بنا وأرانا آثارهم وآثار نارهم والمرة الأخرى كان معه ابن مسعود وقد انتدب الرسول عليه السلام من يقوم معه إلى أن يتلو القرآن على الجن فلم يقم أحد غير عبد الله بن مسعود فذهب معه إلى الحجون عند الشعب فخط عليه خطا وقال لا تجاوزه فانحدر عليه صلى الله عليه وسلم أمثال الحجل يجرون الحجارة بأقدامهم يمشون يقرعون في دفوفهم كما تقرع النسوة في دفوفهم حتى غشوه فلم أره فقمت فأومأ بيده إلى أن أجلس فتلا القرآن فلم يزل صوته يرتفع واختفوا في ارض حتى ما أراهم الحديث ويدل على أنهما قصتان اختلافهم في العود فقيل سبعة وقيل تسعة وقيل غير ذلك.﴿ فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا ﴾ أي قالوا لقومهم لما رجعوا إليهم ووصفوا.﴿ قُرْآناً ﴾ بقولهم.﴿ عَجَباً ﴾ وصفا بالمصدر على سبيل المبالغة أي هو عجب في نفسه لفصاحة كلامه وحسن مبانيه ودقة معانيه وغرابة أسلوبه وبلاغة مواعظه وكونه مبايناً لسائر الكتب والعجب ما خرج عن حد أشكاله ونظائره.﴿ يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ ﴾ أي يدعو إلى الصواب.﴿ فَآمَنَّا بِهِ ﴾ أي بالقرآن ولما كان الإِيمان متضمناً الإِيمان بالله تعالى وبوحدانيته وبراءته من الشرك قالوا:﴿ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً ﴾ وقرىء: وانه بكسر الهمزة من قوله تعالى وانه تعالى وما بعده وهي اثنتا عشرة آخرها وانا منا المسلمون وباقي السبعة بالفتح فأما الكسر فواضح لأنها معطوفات على قوله إنا سمعنا فهي داخلة في معمول القول وأما الفتح فقال أبو حاتم هو على أوحى فهو كله في موضع رفع على ما لم يسم فاعله " انتهى ". وهذا لا يصح لأن من المعطوف ما لا يصح دخوله تحت أوحى وهو كل ما كان فيه ضمير المتكلم كقوله: ﴿ وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ ﴾.
ألا ترى أنه لا يلائم أوحى إلى أنا كنا نقعد منها مقاعد وكذلك باقيها وخرجت قراءة الفتح على أن تلك كلها معطوفة على الضمير المجرور في به من قوله: فآمنا به أي وبأنه وكذلك باقيها وهذا جائز على مذهب الكوفيين وهو الصحيح وقد تقدم احتجاجنا على صحة ذلك في قوله:﴿ وَكُفْرٌ بِهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ ﴾[البقرة: ٢١٧].
﴿ جَدُّ رَبِّنَا ﴾ أي عظمته وسفيهاً هو إبليس وقيل هو إسم جنس لكل سفيه وإبليس مقدّم السفهاء والشطط التعدي وتجاوز الحد.﴿ وَأَنَّا ظَنَنَّآ ﴾ أي كنا حسنا الظن بالإِنس والجن واعتقدنا أن أحداً لا يجترىء على أن يكذب على الله تعالى فنسب إليه الصاحبة والولد فاعتقدنا صحة ما أغوانا به إبليس ومردته حتى سمعنا القرآن فتبينا كذبهم.﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ ﴾ روي الجمهور أن الرجل كان إذا أراد المبيت أو الحلول واد نادى بأعلى صوته يا عزيز هذا الوادي إني أعوذ بك من السفهاء الذين في طاعتك فيعتقد بذلك أن الجن الذي بالوادي يمنعه ويحميه فروي أن الجن كانت تقول عند ذلك لا نملك لكم ولا لأنفسنا من الله شيئاً.﴿ وَأَنَّهُمْ ﴾ أي كفار الإِنس.﴿ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ ﴾ أيها الجن يخاطب به بعضهم بعضاً وظنوا وظننتم كل منهما يطلب أن لن يبعث فالمسألة من باب الأعمال وإن هي المخففة من الثقيلة وقيل الضمير في وإنهم يعود على الجن والخطاب في ظننتم لقريش وهذه التي قبلها هنا من الموحى به لا من كلام الجن.﴿ أَن لَّن يَبْعَثَ ٱللَّهُ أَحَداً ﴾ الظاهر أنه بعثة الرسالة إلى الخلق وهو أنسب لما تقدّم من الآي ولما تأخر.﴿ وَأَنَّا لَمَسْنَا ٱلسَّمَآءَ ﴾ أصل اللمس المس ثم استعير للتطلب والمعنى طلبنا بلوغ السماء ولاستماع كلام أهلها.﴿ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ ﴾ الظاهر أن وجد هنا بمعنى صادف وأصاب وتعدت إلى واحد والجملة من ملئت في موضع الحال وأجيز أن يكون تعدّت إلى اثنين فملئت في موضع المفعول الثاني والظاهر أن المراد بالحرس الملائكة أي حافظين من أن تقربها الشياطين.﴿ وَشُهُباً ﴾ جمع شهاب وهو ما يرجم به الشياطين إذا استمع وقوله: فوجدناها يدل على أنها كانت قبل ذلك يطرقون السماء ولا يجدونها قد ملئت.﴿ مَقَاعِدَ ﴾ جمع مقعد وقد فسر الرسول صلى الله عليه وسلم صورة قعود الجن أنهم كانوا واحداً فوق واحد فمتى احترق الأعلى طلع الذي تحته مكانه فكانوا يسترقون الكلمة فيلقونها إلى الكهان ويزيدون معها ثم يزيد الكهان الكلمة مائة كذبة.﴿ فَمَن يَسْتَمِعِ ٱلآنَ ﴾ ظرف زمان للحال ويستمع مستقبل فاتسع في الظرف واستعمل للاستقبال.﴿ رَّصَداً ﴾ أي يرصده فيخرقه هذا لمن استمع وأما السمع فقد انقطع كما قال تعالى:﴿ إِنَّهُمْ عَنِ ٱلسَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ﴾[الشعراء: ٢١٢] ولما رأوا ما حدث من كثرة الرجم ومنع الاستراق قالوا:﴿ وَأَنَّا لاَ نَدْرِيۤ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي ٱلأَرْضِ ﴾ وهو كفرهم بهذا النبي فينزل بهم الشر.﴿ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً ﴾ فيؤمنون به فيرشدون وحين ذكروا الشر لم يسندوه إلى الله تعالى وحين ذكروا الرشد أسندوه إلى الله تعالى.﴿ وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّالِحُونَ ﴾ أخبروا بما هم عليه من الصلاح وغيره. و ﴿ دُونَ ذَلِكَ ﴾ أي دون صالح وتقع دون في مواضع موقع غير فكأنه قيل ومنا غير صالحين.﴿ أَن لَّن نُّعْجِزَ ٱللَّهَ ﴾ أي لن نعجزه هرباً أي من الأرض إلى السماء وفي الأرض وهرباً حالان أي فارين أو هاربين. و ﴿ ٱلْهُدَىٰ ﴾ هو القرآن.﴿ آمَنَّا بِهِ ﴾ أي بالقرآن.﴿ فَلاَ يَخَافُ ﴾ أي فهو لا يخاف والبخس قال ابن عباس: نقص الحسنات والرهق زيادة في السيئات. و ﴿ ٱلْقَاسِطُونَ ﴾ أي الكافرون الحائدون عن الحق والظاهر أن.﴿ فَمَنْ أَسْلَمَ ﴾ إلى آخر الشرطين من كلام الخبر ومن أسلم مخاطبة من الله تعالى للرسول عليه السلام ويؤيده ما بعده من الآيات.﴿ وَأَلَّوِ ٱسْتَقَامُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً ﴾ هذا من جملة الموحى المندرج تحت أوحي إلي وإن مخففة من الثقيلة والضمير في واستقاموا عائد على القاسطين والمعنى على طريقة الإِسلام والحق لأنعمنا عليهم وإن هي المخففة من الثقيلة لأسقيناهم ماء غدقا كناية عن توسعة الرزق لأنه أصل المعاش.﴿ لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾ أي لنختبرهم كيف يشكرون ما أنعم عليهم به. و ﴿ صَعَداً ﴾ مفعول يسلكه وعذاباً مفعول من أجله المساجد هي البيوت المعدّة للصلاة والعبادة في كل ملة قال ابن جبير نزلت لأن الجن قالت يا رسول الله كيف نشهد الصلاة معك على نأينا عنك فنزلت الآية ليخاطبهم بها على معنى أن عبادتكم حيث كنتم مقبولة، وعبد الله هو محمد صلى الله عليه وسلم.﴿ يَدْعُوهُ ﴾ أي يدعو الله.﴿ كَادُواْ ﴾ أي كاد الجن ينقضون عليه لاستماع القرآن.﴿ قُلْ إِنَّمَآ أَدْعُو رَبِّي ﴾ أي أعبده قال للجن عند ازدحامهم متعجبين: ليس ما ترون من عبادة الله تعالى بأمر يتعجب منه إنما يتعجب ممن يعبد غيره.﴿ قُلْ ﴾ أي قل يا محمد لهؤلاء المزدحمين عليك وهم إما الجن وإما المشركون على اختلاف القولين في ضمير كادوا ثم أمره تعالى أن يقول لهم ما يدل على تبرئه من القدرة على إيصال خير أو شر إليهم وجعل الضر مقابلاً للرشد تعبيراً به عن الغنى ثمرته الضر ويمكن أن يكون المعنى ضراً ولا نفعاً ولا غياً ولا رشداً فحذف من كل ما يدل مقابله عليه نفى عليه السلام أن يجيره أحد مما يريد الله به ونفى أن يجد ملقوا أي مرجعاً من دون الله.﴿ إِلاَّ بَلاَغاً ﴾ استثناء منقطع أي لكن ان بلغت رحمني بذلك وجمع خالدين حملاً على معنى من وذلك بعد الحمل على اللفظ في قوله يعصي وفان له.﴿ حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ ﴾ حتى هنا حرف ابتداء يصلح أن تجيء بعدها جملة الابتداء والخبر ومع ذلك فيها معنى الغاية.﴿ مَا يُوعَدُونَ ﴾ من يوم بدر وإظهار الله له عليهم وناصراً وعدداً تمييزان.﴿ قُلْ إِنْ أَدْرِيۤ ﴾ قال مكحول: لم ينزل هذا إلا في الجن أسلم في وفق وكفر من خذل كالأنيس قال: وبلغ من بايع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن سبعين ألفاً وفزعوا عند انشقاق الفجر ثم أمره تعالى أن يقول لهم انه لا يدري وقت حلول ما عدوا به أهو قريب أم بعيد وأن نافية وأدري فعل قلبي معلق عن جملة الاستفهام وما بعدها فالجملة في موضع نصب. وأم يجعل وما بعده مقابل لقوله: أقريب لأن معناه أم بعيد يجعل له ربي أمداً.﴿ عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ ﴾ خبر مبتدأ محذوف تقديره هو عالم.﴿ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ ﴾ عام وإلا من ارتضى استثناء منقطع كأنه قال فلا يظهر على غيبه المخصوص أحداً إلا من ارتضى من رسول فله حفظه يحفظونه من شر مردة الجن والإِنس ولأبي عبد الله الرازي كلام في علم الغيب مذكور هو والرد عليه في البحر قال ما نصه واعلم أنه لا بد من القطع بأنه ليس المراد من هذه الآية أنه لا يطلع على شىء من المبيعات إلا الرسل والذي يدل عليه وجوه أحدها أنه ثبت بالاخبار القريبة من التواتر ان شقاً وسطيحاً كانا كاهنين يخبران بظهور محمد صلى الله عليه وسلم قبل زمان ظهوره وكانا في العرب مشهورين بهذا النوع من العلم حتى رجع إليهما كسرى في تعرف أخبار رسولنا صلى الله عليه وسلم ثانيها أطباق الأمم على صحة علم التعبير فيخبر المعبر عن ما يأتي في المستقبل ويكون صادقاً وثالثها أن الكاهنة البغدادية التي نقلها السلطان سنجر بن ملكشاه من بغداد إلى خراسان سألها عن أشياء في المستقبل فأخبرت بها ووقعت على وفق كلامها وقد رأيت أناساً محققين في علوم الكلام والحكمة حكوا عنها أنها أخبرت عن الأشياء الغائبة على سبيل التفصيل وجاءت كذلك وبالغ أبو البركات صاحب المعتبر في شرح حالها في كتاب التعبير وقال: فحصت عن حالها من ثلاثين سنة حتى تيقنت أنها كانت تخبر عن المغيبات أخباراً مطابقة موافقة. ورابعها انا نشاهد أصحاب الإِلهامات الصادقة وليس هذا مختصاً بالأولياء فقد يوجد في السحرة وفي الأحكام النجومية ما يوافق الصدق وإن كان الكذب يقع فيه كثيراً وإذا كان ذلك مشاهداً محسوساً فالقول بأن القرآن يدل على خلافه مما يجر الطعن إلى القرآن وذلك باطل فعلمنا أن التأويل الصحيح ما ذكرناه " انتهى ". وفيه بعض تلخيص وإنما أوردنا كلام هذا الرجل في هذه المسألة لننظر فيما ذكره من تلك الوجوه أما قصة شق وسطيح فليس فيها شىء من الاخبار بالغيب لأنه مما يخبر به رئى الكاهن من الشياطين مسترقة السمع كما جاء في الحديث أنهم يسمعون الكلمة ويكذبون ويلقون إلى الكهنة ويزيد الكهنة للكلمة مائة كذبة وليس هذا من علم الغيب. إذا تكلمت به الملائكة وتلقفها الجن وتلقفها منه الكاهن فالكاهن لم يعلم الغيب وأما تعبير المنامات فالمعبر غير المعصوم لا يعبر بذلك على سبيل البت والقطع بل على سبيل الحزر والتخمين فقد يقع ما يعبر وقد لا يقع وأما الكاهنة البغدادية وما حكى عنها محسبة أن يستدل بأحوال امرأة لم يشاهدها ولو شاهد ذلك لكان في عقله ما يجوز أنه لبس عليه هذا وهو العالم المنصف الذي طبق ذكره الآفاق وهو الذي شكك في دلائل الفلاسفة وسامهم الخسف وأما نقل الملك سنجر الكاهنة إلى خراسان وإشهارها أنها تعلم الغيب وأنه سألها عن أشياء في المستقبل فأخبرت بها فإِن الملوك لهم أذهان لطيفة ومقاصد خفيفة وفكرة دقيقة في تدبير المملكة فاستصحب هذه المرأة ليوهم بذلك أهل مملكته وحاشيته أن عنده من يعلم الغيب وأخبرهم بما رتب معها فيمن عنده من أهل مملكته خائفون دائماً أن يظهر عنهم ما يشوش على الملك ولذلك استخدم عقلاء الملوك المنجمين وضراب الرمل وإن كانوا يعتقدون أنهم ليس لهم إطلاع على شىء من الغيب كل ذلك إيهام منهم لأهل مملكتهم فإِنهم رعاع همج يصدّقون بالمستحيلات وتؤثر فيهم الأوهام وأما حكايته عن صاحب المعتبر فهو يهودي أظهر الإِسلام فهو منتحل طريقة الفلاسفة وأما مشاهدته أصحاب الإِلهامات الصادقة فعلى من العمر نحو من ثمانين سنة أصحب العلماء وأتردد إلى من ينتمي إلى الصلاح فلم أر أحداً منهم صاحب الهام صادق وأما الكرامات فإِني لا أشك في صدور شىء منها لكن على سبيل الندرة وذلك فيمن سلف من صلحاء هذه الأمة وربما قد يكون في أعصارنا من تصدر منه الكرامة ولله تعالى أن يخص من شاء بما شاء.﴿ لِّيَعْلَمَ أَن ﴾ الضمير عائد على الرسول عليه السلام إذ قد تقدّم ذكره في قوله وإنه لما قام عبد الله أن الملائكة الحفظة إلى حد النازلين بين يدي جبريل عليه السلام وخلفه قد أبلغوا رسالات ربهم.﴿ وَأَحَاطَ ﴾ فيه ضمير فاعل عائد على ربهم وكذلك الضمير في أحصى وعدداً تمييز.


الصفحة التالية
Icon