﴿ رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ ﴾ أي أرسل في أهل البيت.﴿ رَسُولاً مِّنْهُمْ ﴾ أي من أنفسهم يعرفون وجهه ونسبه ونشأته. كما قال تعالى:﴿ لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ ﴾[التوبة: ١٢٨].
وقبل الله تعالى دعاءه بأن كان المبعوث في الأميين هو محمد صلى الله عليه وسلم ووصفه إبراهيم بقوله:﴿ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَٰتِكَ ﴾ أي يقرأ آيات الله وهو القرآن الذي هو أعظم المعجزات الباقي إلى آخر الدهر.﴿ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ ﴾ أي يلقيه إليهم مفهماً لهم ومتلطفاً في إيصال معانيه إلى أفهامهم.﴿ وَٱلْحِكْمَةَ ﴾ وهي السنة التي لم تكن في الكتاب كقوله:﴿ وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْـمَةِ ﴾[الأحزاب: ٣٤].
﴿ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾ أي يطهرهم باطناً وظاهراً والذي جاء بهذه الأوصاف هو محمد صلى الله عليه وسلم.﴿ إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ ﴾ أي الغالب. أو: الذي لا مثل له.﴿ وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ﴾ الآية روي أن عبد الله بن سلام دعا ابنيْ أخيه سلمة ومهاجرا إلى الإِسلام فقال لهما قد علمتما أن الله قال في التوراة إني باعث من ولد إسماعيل نبياً اسمه أحمد من آمن به فقد اهتدى ورشد ومن لم يؤمن به فهو ملعون فاسلم سلمة وأبي مهاجر فانزل الله هذه الآية. ومن استفهام فيه معنى الانكار ولذلك دخلت الا بعده والمعنى لا أحد يرغب فمعناه النفي العام. و " من " بدل من الضمير الذي في يرغب وهو أجود من النصب على الاستثناء. وانتصب " نفسه " على أنه مفعول به حكى المبرد وثعلب: ان سفه بكسر الفاء يتعدى كسفّه المشدد. وحكى أبو الخطاب أنها لغة. والمعنى استخف بها وامتهنها.﴿ وَلَقَدِ ٱصْطَفَيْنَاهُ فِي ٱلدُّنْيَا ﴾ أي جعلناه صافياً من الادناس واصطفاؤه بالرسالة والخلة والكلمات التي وفّى بها وبناء البيت والامامة واتخاذ مقامه مصلى وتطهير البيت والنجاة من نار نمروذ والنظر في النجوم وما ترتب على ذلك وغير ذلك مما ذكره الله في كتابه.﴿ وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ ﴾ ذكر حاله في الآخرة فمن كان مصطفى في الدنيا صالحاً في الآخرة فكيف يرغب عن اتباعه وفي الآخرة متعلق بمحذوف يدل عليه من الصالحين تقديره وانه لصالح في الآخرة. والعامل في إذ قال أسلمت أي حين أمره الله بالإِسلام قال: أسلمت وأسلم أمر بالديمومة. والاسلام: الانقياد.


الصفحة التالية
Icon