﴿ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ ﴾ هذه السورة مكية ولما ذكر فيما قبلها:﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ﴾[الشمس: ٩ـ١٠] ذكر هنا من الأوصاف ما يحصل به الفلاح وما يحصل به الخيبة ومفعول يغشى محذوف فاحتمل أن يكون النهار كقوله:﴿ يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ ﴾[الأعراف: ٥٤] وأن تكون الشمس كقوله:﴿ وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ﴾[الشمس: ٤] وتجلى انكشف وظهرا إما بزوال ظلمة الليل وإما بنور الشمس أقسم بالليل الذي فيه كل حيوان يأوي إلى مأواه وبالنهار الذي ينتشر فيه.﴿ وَمَا خَلَقَ ﴾ ما مصدرية أو بمعنى الذي والظاهر عموم الذكر والأنثى.﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ ﴾ أي مساعيكم.﴿ لَشَتَّىٰ ﴾ أي متفرقة ثم فصل هذا السعي فقال:﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ ﴾ الآية روي أنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه كان يعتق ضعفة العبيد الذين أسلموا وينفق في رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله وكان الكفار بضده أعطى أي حق الله واتقى الله.﴿ وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ ﴾ هي الجنة.﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ ﴾ أي نهيئه للحالة التي هي أيسر عليه وأهون وذلك في الدنيا والآخرة وهذا من التجنيس المغاير فسنيسره فعل واليسرى إسم وقابل أعطى ببخل وأتقى باستغنى لأنه زهد فيما عند الله تعالى بقوله: ﴿ وَٱسْتَغْنَىٰ ﴾ للعسرى وهي الحالة السيئة في الدنيا والآخرة وجاء نيسره للعسرى على سبيل المقابلة لقوله: نيسره لليسرى والعسرى لا تيسير فيها وقد يراد بالتيسير التهيئة وذلك يكون في اليسرى والعسرى.﴿ وَمَا يُغْنِي ﴾ يجوز أن تكون ما نافية واستفهامية أي وأي شىء يغني عنه ماله.﴿ إِذَا تَرَدَّىٰ ﴾ تفعل من الردى أي أهلك.﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ ﴾ التعريف بالسبل ومنحهم الإِدراك كما قال وعلى الله قصد السبيل.﴿ وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَٱلأُولَىٰ ﴾ أي ثواب الدارين.﴿ ٱلأَشْقَى ﴾ جعل مختصاً بالصلى كأن النار لم تخلق إلا له، والأتقى جعل مختصاً بالنجاة كأن الجنة لم تخلق إلا له.﴿ يَتَزَكَّىٰ ﴾ أي يكون عند الله زاكياً.﴿ مِن نِّعْمَةٍ ﴾ من زائدة ونعمة مبتدأ، وتجزي صفة لنعمة ونعمة خبر لأحد.﴿ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ ﴾ مفعول له لأن معنى ما قبله ما آتى المال إلا ابتغاء وجه ربه.﴿ وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ ﴾ وعد له بالثواب.