﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا ﴾: بينَّا مُكرراً ﴿ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ ﴾: أي: الكتاب.
﴿ لِلنَّاسِ ﴾: مثلا.
﴿ مِن ﴾: جنس.
﴿ كُلِّ مَثَلٍ ﴾: ليتعظوا.
﴿ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ ﴾ يتأتي منهُ الجدل ﴿ جَدَلاً ﴾: بالباطل إلَّا من عُصم ﴿ وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ ﴾: قريش من.
﴿ لنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ ﴾: الرسول والقرآن.
﴿ وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ إِلاَّ ﴾: انتظار ﴿ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ ﴾: من العذابن ﴿ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ ﴾: عذاب الآخرة.
﴿ قُبُلاً ﴾: عيانا أو أنواعا ﴿ وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ ﴾: للمــــؤمنين.
﴿ وَمُنذِرِينَ ﴾: للكــافرين.
﴿ وَيُجَٰدِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلْبَٰطِلِ ﴾: نحو:﴿ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً ﴾[الاسراء: ٩٤] ﴿ لِيُدْحِضُواْ ﴾: ليزيلوا.
﴿ بِهِ ﴾: بالباطل.
﴿ ٱلْحَقَّ ﴾: القرآن.
﴿ وَٱتَّخَذُوۤاْ ءَايَٰتِي ﴾: القرآن.
﴿ وَمَآ أُنْذِرُواْ ﴾: به.
﴿ هُزُواً ﴾: استهزاءً ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَٰتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا ﴾: ولم يتدبرها.
﴿ وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ﴾: من المعاصي ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً ﴾: أغطية كراهية ﴿ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ ﴾: القرآن.
﴿ وَفِي ءَاذَانِهِمْ وَقْراً ﴾: ثقلا عن استماع الحق قبولا.
﴿ وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَىٰ ٱلْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوۤاْ إِذاً أَبَداً ﴾: حقيقةً ولا تقليداً ﴿ وَرَبُّكَ ٱلْغَفُورُ ﴾: البليغ المغفرة.
﴿ لْغَفُورُ ذُو ٱلرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ ٱلْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِ ﴾: تعالى في ذلك الموعد.
﴿ مَوْئِلاً ﴾: منجا وملجأً ﴿ وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰ ﴾: المجاورة للمكة كعادٍ ﴿ أَهْلَكْنَاهُمْ ﴾: أي: أصحابهم.
﴿ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم ﴾: لهلاكهم ﴿ مَّوْعِداً ﴾: أو لزمان هلاكهم موعداً فاعتبروا.
﴿ وَ ﴾: اذكر.
﴿ إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَٰهُ ﴾: يوشع بن نون بن إفرايم بن يوسف -عليه الصلاو والسلام- ﴿ هُ لاۤ أَبْرَح ﴾: لا أزال أسير.
﴿ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ ﴾: ملتقى بحري فارس والروم موعد لقائه مع خضر وفسر بهما فإن موسىكان بحر علم الظاهر، وخضر الباطن ﴿ أَوْ أَمْضِيَ ﴾: أسير.
﴿ حُقُباً ﴾: دهراً طويلاً، أو سنةً وقصَّته: أنه خطب بعد علاك القِبطِ، فسئل: هلى أحد أعلم منك: فقال: لا، فأوحى إليه: بلى عبجنا خضر وهو بمجمع البحرين، وهو الذي كان على مقدمة ذي القرنين الأكبر الذي لقي إبراهيم وبنى السد وطاف الدنيا لا الأصغر اليوناني الذي طلب ماء الحياة وما وجد، فسار موسى والفتاة ﴿ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا ﴾: بين البحرين رقد موسى عند صخرةٍ فوثب الحوت المشويُّ في البحر من مكتلهما وهما لموسى والخضر، وقيل: كان حوتا مملحاً وصل إليه قطرة ماء الحياة مما توضأ به يوشع فحيى منه ﴿ نَسِيَا حُوتَهُمَا ﴾: نسي موسى طلبه، ونسي يوشعُ ذكر ما رأى من حياته ﴿ فَٱتَّخَذَ ﴾: جعل الحوت ﴿ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ سَرَباً ﴾: سعيا طويلا لا منفذ له ككوة فجمد الماء حوله ولم يلتئم، وفي الآية تقديم وتأخير فلا عجب في نسيانه هذه المعجزة القرأنية لأنه كان معتاداً بمشاهدة معجزاته الغريبة، وصار إلفها سببا لقلة اهتمامه بها.
﴿ فَلَمَّا جَاوَزَا ﴾: الصخرة وسارا الليلة والغداة إلى الظهر.
﴿ قَالَ لِفَتَٰهُ ﴾: يوشعُ ﴿ آتِنَا غَدَآءَنَا ﴾: مأكول أول النهار.
﴿ لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً ﴾: تعبا بعد المجاوزة منها، ولم يع موسى في سفره غيره كما أشار إليه هذا.
﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ ﴾: ما جرى عليَّ ﴿ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ ﴾: التي رقدت عندها ﴿ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ ﴾: أي: ذكر قصته.
﴿ وَمَآ أَنْسَانِيهُ ﴾: أي: ذكره.
﴿ إِلاَّ ٱلشَّيْطَٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُ ﴾: بدل من الضمير.
﴿ وَٱتَّخَذَ ﴾: الحوتُ ﴿ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ ﴾: سبياً ﴿ عَجَباً ﴾: كما مرّ ﴿ قَالَ ﴾: موسى.
﴿ ذَلِكَ ﴾: فقد الحوت ﴿ مَا كُنَّا نَبْغِ ﴾: نطلبه، لأنه أمارة المطلوب.
﴿ فَٱرْتَدَّا ﴾: رجعا ﴿ عَلَىٰ آثَارِهِمَا ﴾: يقصان، أي: يتبعان أثرهما ﴿ قَصَصاً * فَوَجَدَا ﴾: عند الصخرة.
﴿ عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ ﴾: خضر بثوب مستلقيا على الارض واسمع بليا بن ملكان ﴿ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً ﴾: نبوة أو ولاية وهو الأرجح، وهو باق إلى الآن ﴿ مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا ﴾: من قبلنا ممَّا لا يعلم إلَّا بتوفيقنا ﴿ عِلْماً ﴾: بالمغيبات.
﴿ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ ﴾: أصحبك على شرط ﴿ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً ﴾: للرُّشد ويجب كون الرسول أعلم المرسل إليه في أصول دينه وفروعه، فلا نقص لموسى في ذلك إذا لم يكن الخضر نبيا، في ذلك إذا لم يكن الخضر نبيا، ثم قال: كفاك بالتوراة علما، فقال موسى: أمرني به ربي ﴿ قَالَ ﴾: الخضر ﴿ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ﴾: لما ترى مني مخالفة شرعك ظاهرا ﴿ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ ﴾: ببواطنه.
﴿ خُبْراً ﴾: أي: لم تخبر به وظاهره منكر.
﴿ قَالَ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِراً ﴾: معك ﴿ وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً ﴾: ما استثني في المعصية فعصى ﴿ قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ ﴾: أنكرته.
﴿ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً ﴾: أي: ابتدىء ببيانه.
﴿ فَٱنْطَلَقَا ﴾: يطلبان سفينة ومعهما يوشع تبعاً ﴿ حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ ﴾: فأخذ قدوماً وقطع لوحين منها حتى.
﴿ خَرَقَهَا ﴾: قيل: إن الماء لم يدخلها ﴿ قَالَ ﴾: موسى ﴿ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً ﴾: عظيمــــــا.
﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قَالَ ﴾ موسى ﴿ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ﴾: بنسياني وصيتك.
﴿ وَلاَ تُرْهِقْنِي ﴾: لا تكلفني.
﴿ مِنْ أَمْرِي عُسْراً ﴾: بالمؤاخذة على المشي.
﴿ فَٱنْطَلَقَا ﴾: بعد خُروجهما من السفينة.
﴿ حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً ﴾: صبيا غَضًّا يلعب مع الغلمان اسمو حيسون.
﴿ فَقَتَلَهُ ﴾: قلع رأسه، دل بالفاء على عَدمِ التراخي والتروي، بخلافِ أمر السفينة ﴿ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً ﴾: طلهرةً قال أبو عمرو: الزاكية: التي لم تذنب قطُّ، والزكيةُ: التي أذنبت ثم غُفَرت، قال بعض أثمة التفسير: لعله أختار الأول فإنه كان صغيراً، ويردُّ عليه مل مرَّ اختيار الملك ﴿ بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً ﴾: منكرا، قال في الأول: " إمْرا "، أي: منكراً عظيما لأن قتل جماعة أعظمُ من قتل واحد، رُوي أنه لما سمع غضب واقتلع كتف الغلام الأيسر وقشَّرهُ، وإذا مكتوب فيه: كافر لا يؤمن بالله أبدا ﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ ﴾: زاد لك عقابا على نقضة العهد مرتين.
﴿ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا ﴾: اعتراضاً ﴿ فَلاَ تُصَٰحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ ﴾: وجدت.
﴿ مِن لَّدُنِّي عُذْراً ﴾: لما خالفتك مرارا.
﴿ فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ﴾: أنطاكية.
﴿ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا ﴾: في الحديث" كان يمشي عل مجالسهم يستطعمانهم "وفيه تنبيه على هوان الدنيا على الله تعالى.
﴿ فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً ﴾: قائما ارتفاعه مائة ذراع ﴿ يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ ﴾: يسقط، استعار الإدارة لمداناة سقوطها، فمسحه بيده كذا ابن عباس ﴿ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ ﴾: أخذ شيء.
﴿ لَتَّخَذْتَ ﴾: افتعال من " اتخذ " وكذا قرىء: لتخذت أي: أخذت ﴿ عَلَيْهِ أَجْراً ﴾: إذ نحن جياع.
﴿ قَالَ هَـٰذَا ﴾: السؤال.
﴿ فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ﴾: اضاف المصدر الى الظرف أتساعا، وإنما فارق في الثالث دون لا الأولين لأنه كان لشهوة بطنه، وهما لفرط صلابته في الــــدين.
﴿ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً * أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ ﴾: مالا أو عجزا عن دفع الظلم، ودلَّ الأول على ان المسكين من يملك مالا يكفيه.
﴿ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا ﴾: أجعلها ذات عيبٍ ﴿ وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ ﴾: صحيحة ﴿ غَصْباً ﴾: خالف الظاهر يعني الظاهر تأخير قوله: فأردت أن أعيبها عن قوله ﴿ وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ ﴾: تقديما بالنسبة في التقديم: فأردت للعناية ﴿ وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا ﴾: يكلفهما ﴿ طُغْيَاناً وَكُفْراً ﴾: أي: يحملهما حبهُ على متابعته في الكفر، وفي الحديث: " إنه طُبع كَافرا " وقد مرَّ قصة كتفه ﴿ فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا ﴾: يرزقهما، بدله ﴿ خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً ﴾: طهارة من الذنوب ﴿ وَأَقْرَبَ رُحْماً ﴾: رحمةً على والديه، فأعطيا جارية تزوجها نبيٌّ، فولدت نبياً هدى الله-تعالى-به أمة من الأمم ﴿ وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ﴾: تلك.
﴿ ٱلْمَدِينَةِ ﴾: اسمها أصرم وصريم.
﴿ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا ﴾: لوح من ذهب، كتب فيه نصائح ﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً ﴾: نسَّاجًا أو سباحا اسمه: كاشح، بينهما وبينه سبع آباء.
﴿ فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا ﴾: حلمهما وكمال رأيهما.
﴿ وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا ﴾: ولو سقط الجدار لضاع ﴿ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ﴾: بل بأمر الله تعالى وحياً او إلهاماً ﴿ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً ﴾: ومن فوائد القصة أن لا نعجب بعلمنا ولا نبادر إلى إنكار ما لا نستحسنه ونداوم على التعلم ونتذلل للمعلم، وننبه المجرم على جرمه حتى يتحقق إجرامه ثم نعفو: ونهاجر عنه. أسند الأول إلى نفسه لأنه بمباشرته، والثاني إلى الإثنين لأن التبديل بإهلاكه وإيجاد الله بدله، والثالث إلى الله، إذ لا دخل له في بلوغه.