لما نهى الشَّرك الخفيّ أعقبه بقصَّة من كان يُخفي مناجاته حذَرًا من ذلك، وذكر ما أنعم الله عليه بسبب ذلك فقال: ﴿ كۤهيعۤصۤ ﴾: كمـــا مـــرَّ، هذا المتلوُّ ﴿ ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ ﴾: مفعول الرحمة.
﴿ زَكَرِيَّآ * إِذْ نَادَىٰ ﴾: دَعَا ﴿ رَبَّهُ نِدَآءً ﴾: دُعَاءً ﴿ خَفِيّاً ﴾: للإخلاص ﴿ قَالَ رَبِّ إِنَّي وَهَنَ ﴾: ضعفَ ﴿ ٱلْعَظْمُ مِنِّي ﴾: وهو دعامةُ البدن فغيره أولى ﴿ وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ ﴾: منَّي ﴿ شَيْباً ﴾: شبه بالنار في بياضه وإنارته ثم باشتعالها في انتشاره في الشَّعر، و أسند إلى ما كان الشعر مبالغة.
﴿ وَلَمْ أَكُنْ ﴾: قبل.
﴿ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً ﴾: خائباً، بل كنت مجاباً، وهذا الذي أطعمني فيه.
﴿ وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِيَ ﴾: عصبتي، أن لا يحسنوا الخلافة.
﴿ مِن وَرَآءِى ﴾: بعد موتي، إذْ كانو من الشرار.
﴿ وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً ﴾: لا تلدُ ﴿ فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ﴾: مخترعا منك بلا سبب.
﴿ وَلِيّاً ﴾: من صُلْبي ﴿ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ﴾: بن إسحاق، أو أخي زكريا، أو عمران، يرث العلم والنبوة، إذا النبيُّ لا يورثُ، ب " من " في الثاني لنبوة بعضهم ﴿ وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً ﴾: مرضيا عند الكلِّ فأجابه وقال: ﴿ يٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ ٱسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً ﴾: شبيها إذا ما هم بمعصية أو لم يُسَمَّ به أحد.
﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ ﴾: كيف.
﴿ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ ٱلْكِبَرِ عِتِيّاً ﴾: يبسا في المفاصل، يعني: أَتهبني مع الشيخوخة والفقر، أو تردنا إلى حالة أُخْرى ﴿ قَالَ ﴾: المبشر: نهبك ﴿ كَذٰلِكَ ﴾: بلا تغيير.
﴿ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ﴾: يسير.
﴿ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً ﴾: أفهم أن المعدوم ليس بشيء.
﴿ قَالَ رَبِّ ٱجْعَل لِيۤ آيَةً ﴾: علامةً لوقوعه ﴿ قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ ﴾: مع أيامها.
﴿ سَوِيّاً ﴾: في الخلق بلا نحو خَس أوْ: كاملاتٍ، فلمَّا حملت أصبح لا يقدر على التكلم مع قدرته على قراءة التوراة.
﴿ فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ ﴾: مصلاه أو غرفته.
﴿ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً ﴾: أشار إليهم.
﴿ أَن سَبِّحُواْ ﴾: صلُّوا ﴿ بُكْرَةً وَعَشِيّاً ﴾: طرفي النهار، ولما وهب وبلغ الفهم قال الله تعالى له: ﴿ يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ ﴾: التوراة.
﴿ بِقُوَّةٍ ﴾: بجد.
﴿ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ ﴾: النبوة أو الحكمة وفهم التوراة.
﴿ صَبِيّاً ﴾: له سبع سنين أو ثلاث.
﴿ و ﴾: آتيناه.
﴿ حَنَاناً ﴾: رحمة.
﴿ مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً ﴾: طهارة من المعاصي.
﴿ وَكَانَ تَقِيّاً ﴾: ما أذنب وما همَّ بذَنْبٍ ﴿ وَ ﴾: كان ﴿ بَرّاً ﴾: كثير البر.
﴿ بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً ﴾: متكبراً ﴿ عَصِيّاً ﴾: عاصيا.
﴿ وَسَلاَمٌ ﴾: من الله.
﴿ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ ﴾: من مس الشيطان.
﴿ وَيَوْمَ يَمُوتُ ﴾: من عذاب القبر.
﴿ وَيَوْمَ يُبْعَثُ ﴾: من أهوال القيامة.
﴿ حَياً ﴾: خصها لأنها أوْحشَ أحوالنا ﴿ وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ ﴾: القرآن، قصَّة ﴿ مَرْيَمَ إِذِ ٱنتَبَذَتْ ﴾: دون القوم ﴿ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً ﴾: من المسجد الآقصى للعبادة ﴿ فَٱتَّخَذَتْ مِن دُونِهِم ﴾: دون القوم ﴿ حِجَاباً ﴾: استترت منهم لتغتسل من الحيض.
﴿ فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا ﴾: جبريل.
﴿ فَتَمَثَّلَ لَهَا ﴾: بعد لبسها ثيابها ﴿ بَشَراً ﴾: إنسانا.
﴿ سَوِيّاً ﴾: تامًّا تمثل شابًّا أمرد لتستأنس به ﴿ قَالَتْ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً ﴾: فكيف إذا لم تتق.
﴿ قَالَ ﴾: جبريل.
﴿ إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ ﴾: لأتسبب في هبة الله لك.
﴿ غُلاَماً زَكِيّاً ﴾: طاهرا و لا يلزم منه نبوتها، فإنه ليس وحي رسالة فيمكن في غير النبي وكذا قال مقاتل في أم موسى إنها أوحى إليها جبريل ﴿ قَالَتْ أَنَّىٰ ﴾: كيف.
﴿ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي ﴾: يباشرني.
﴿ بَشَرٌ ﴾: ناكحا.
﴿ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً ﴾: زانية ولا تاءَ فيه لأنه مبالغة أو نسبة، وفيه ما في قصة زكريا.
﴿ قَالَ ﴾: يبهك الولد ﴿ كَذٰلِكَ ﴾: بلا مس بشر ﴿ قَالَ رَبُّكِ هُوَ ﴾: وهب غلام بلا أبٍ ﴿ عَلَيَّ هَيِّنٌ ﴾: يسير.
﴿ وَ ﴾: نهبك ﴿ لِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلْنَّاسِ ﴾: على الكمال قدرتنا.
﴿ وَرَحْمَةً مِّنَّا ﴾: على العباد بهدايته.
﴿ وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً ﴾: في علم الله تعالى، فنفخ في جيبها بحيث وَصلتْ فرجها ﴿ فَحَمَلَتْهُ ﴾: ثمانية أشهر إرهاصًا لعيسى إذ لا يعيشُ مولود ثمانية أشهر ﴿ فَٱنْتَبَذَتْ ﴾: اعتزلت به ملتبسةً بالحمل ﴿ مَكَاناً قَصِيّاً ﴾: بعيداً، مخافة أن لا يعيش ﴿ فَأَجَآءَهَا ﴾: جاء لها أو ألجأها.
﴿ ٱلْمَخَاضُ ﴾: وجع الولادة ﴿ إِلَىٰ جِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ ﴾: لتعتمد عليه في الولادة.
﴿ قَالَتْ ﴾: استحياءً ومخافةً ﴿ يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا ﴾: الأمر.
﴿ وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً ﴾: شيئا شأنه أن يُنسى، أو ما يرمى بهِ ﴿ فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ ﴾: عيسى أو جبريل إذ كان كالقابلة لها ﴿ أَلاَّ تَحْزَنِي ﴾: سلاها بظهور معجزتين يلان على عصمتها ﴿ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً ﴾: نهراً أو سيدا.
﴿ وَهُزِّىۤ ﴾: أميلي.
﴿ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ﴾: جذع ﴿ ٱلنَّخْلَةِ تُسَاقِطْ ﴾: تتساقط النخلة.
﴿ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً ﴾: غضَّا، كانت نخلة يابسة بلا رأسٍ فلمَّا هزتها أثمرت في غير أوانه.
﴿ فَكُلِي ﴾: من الرطب.
﴿ وَٱشْرَبِي ﴾: من النهر أو عصيره.
﴿ وَقَرِّي عَيْناً ﴾: طيبي نفسك من القر البرد، فإن دَمعة السرور باردة ﴿ فَإِمَّا تَرَيِنَّ ﴾: إن ترى ﴿ مِنَ ٱلبَشَرِ أَحَداً ﴾: يسألك عن ولدك.
﴿ فَقُولِيۤ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً ﴾: وكان يجب الصَّمت فيه، أو صمتا ﴿ فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً ﴾: أي: بعد ذلك، أو قولي بالاشارة، فإن ولدك يكفيهم جوابــــا.
﴿ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ﴾: فلما رأوه.
﴿ قَالُواْ يٰمَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً ﴾: بديعاً منكراً ﴿ يٰأُخْتَ هَارُونَ ﴾: جَدّها فهو مثل: يا أخا تميم، أو صالح من بني إسرائيل تبع جنازته أربعون ألفا كلهم يسمى هارون سوى سائر الناس، أي، يا أخته صلاحا.
﴿ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْءٍ ﴾: زانيا.
﴿ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً ﴾: زانية.
﴿ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ﴾: إلى عيسى أن كلموهُ ﴿ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَان ﴾: وجد.
﴿ فِي ٱلْمَهْدِ صَبِيّاً * قَالَ ﴾: عيسى.
﴿ إِنِّي عَبْدُ ٱللَّهِ آتَانِيَ ٱلْكِتَابَ ﴾: الإنجيل، قيل: درسه في بطن أمه أو التوراة.
﴿ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً ﴾: نفَّاعًا ﴿ أَيْنَ ﴾: حيث ﴿ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي ﴾: أمرني.
﴿ بِٱلصَّلاَةِ وَٱلزَّكَاةِ ﴾: إن ملكت شيئا أو تطهير النفس.
﴿ مَا دُمْتُ حَيّاً ﴾: وتأخير التكليف في غيره إلى البلوغ لترقب عقله، وهو ولد تام العقل، بل قيل: استنبئ حينئيذ ﴿ وَ ﴾: جعلني ﴿ بَرّاً ﴾: بارا ﴿ بِوَٰلِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً ﴾: متكبرا ﴿ شَقِيّاً ﴾: عاصياً ﴿ وَٱلسَّلاَمُ ﴾: عرَّفه للعهد، ولا يضر كونُ الاول من الله لاتحادهما ماهيَّةً ﴿ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ ﴾: من مسِّ الشيطان ﴿ وَيَوْمَ أَمُوتُ ﴾: من سوء الخاتمة ﴿ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ﴾: من أهوال القيامة ﴿ ذٰلِكَ ﴾: الموصوف.
﴿ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ ﴾: لا كما يصفه النصارى ﴿ قَوْلَ ﴾: كلمة.
﴿ ٱلْحَقِّ ٱلَّذِي فِيهِ يَمْتُرُونَ ﴾: عند اليهود ساحر، وعند النصارى أبن الله ﴿ مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ ﴾: تنزيهه عن ذلك.
﴿ إِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾: فبليحتاج في اتخاذ ولد إلى إحبال أنثى.
﴿ وَإِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا ﴾: الطريق ﴿ صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴾: فسر مرة ﴿ فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ ﴾: اليهود والنصارى، أو فرق النصارى كما مرَّ ﴿ مِن بَيْنِهِمْ ﴾: بين الناس.
﴿ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن مَّشْهَد ﴾: شهود هول.
﴿ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾: القيامة.
﴿ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ ﴾: ما أسمعهم وما أبصرهم ﴿ يَوْمَ يَأْتُونَنَا ﴾: ولا ينفعهم حينئذ.
﴿ يَأْتُونَنَا لَـٰكِنِ ٱلظَّالِمُونَ ٱلْيَوْمَ فِي ﴾: الدنيا.
﴿ ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾: لا يسمعون الحق ولا يبصرونه.
﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلْحَسْرَةِ ﴾: للمسيء على الإساءة، والمحسن على الإحسان.
﴿ إِذْ قُضِيَ ٱلأَمْرُ ﴾: أمر القيامة.
﴿ وَهُمْ ﴾: الآن.
﴿ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ ٱلأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَ ﴾ بفناء كلهم وبقائنا.
﴿ وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴾: للجزاء،


الصفحة التالية
Icon