﴿ وَتَفَقَّدَ ﴾: تعرف ﴿ ٱلطَّيْرَ ﴾: فلم يجد الهدهد وكان رائده ﴿ فَقَالَ ﴾: على ظن حضوره ﴿ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ ﴾: فلما لاح غيته قال ﴿ أَمْ ﴾: بل أ ﴿ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ * لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً ﴾: بنتف ريشه وإلقائه في الشمس أو بجعله مع ضده في قفص ﴿ أَوْ لأَاْذبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ ﴾: برهان ﴿ مُّبِينٍ ﴾: لعذره ﴿ فَمَكَثَ ﴾: الهدهد زمانا ﴿ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴾: مديد، فجاءه بعذره ﴿ فَقَالَ أَحَطتُ ﴾: علما ﴿ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ ﴾: علما ﴿ وَجِئْتُكَ مِن ﴾: مدينة ﴿ سَبَإٍ بِنَبَإٍ ﴾: بخبر ﴿ يَقِينٍ ﴾: أبهم لتشوقه وتسكينه ثم قال ﴿ إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً ﴾: بلقيس ﴿ تَمْلِكُهُمْ ﴾: أهل سبأ ﴿ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ ﴾: مجاز عن الكثرة ﴿ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ﴾: بالنسبة إلى عروش أمثالها، قيل: كان طوله ثمانين ذراعا وعرضه أربعين، وارتفاعه ثلاثين من الذهب والفضة مكلل بالجواهر قوائمه من الجواهر له سبعة أبواب ﴿ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمْ ﴾: الحق ﴿ لاَ يَهْتَدُونَ ﴾: إليه ﴿ أَلاَّ ﴾: مشددا، أي: ألا يا قوم ﴿ يَسْجُدُواْ للَّهِ ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْ ﴾: الغيب، ومنه كل ما أخرج من العدم إلى الوجود ﴿ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ ﴾: الحقير دونه كل جرم ﴿ قَالَ ﴾: سليمان ﴿ سَنَنظُرُ ﴾: سنعرف ﴿ أَصَدَقْتَ ﴾: فيه ﴿ أَمْ كُنتَ مِنَ ﴾: نوع ﴿ ٱلْكَاذِبِينَ ﴾: كالجن، ثم دلهم على الماء فصلوا ثم كتب سليمان كتابا إليها وختمه بالمسك وقال له ﴿ ٱذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ ﴾: تنح عنهم إلى حيث تسمع كلامهم ﴿ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ﴾: يردون في الجواب، فأخذه وأتاهم فألقاه على نحرها من كوة، فلما قرأته ﴿ قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ﴾: لو جازته وفصاحته وختمع، فإن كرامة الكتاب ختمه ﴿ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ ﴾: وكان اسمه كان على عنوانه أو قدمه مخافةً عن استخفافها باسم الله، إذا تعرف أنه منه لكفرها ﴿ وَإِنَّهُ ﴾: مضمونه ﴿ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾: المقصود ﴿ أَلاَّ تَعْلُواْ ﴾: تتكبروا ﴿ عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَتْ ﴾: استشارة: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي ﴾: أشيروا عليَّ ﴿ فِيۤ أَمْرِي ﴾: هذا ﴿ مَا كُنتُ قَاطِعَةً ﴾: فاصلة ﴿ أَمْراً حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ ﴾: تحضرون ﴿ قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُو قُوَّةٍ ﴾: عدد كثير ﴿ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾: شجاعة ﴿ وَٱلأَمْرُ ﴾: موكول ﴿ إِلَيْكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ﴾: نطعك ﴿ قَالَتْ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً ﴾: عنوة ﴿ أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾: هولاء ﴿ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ ﴾: بأي شيء ﴿ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ ﴾: إن قبل فملك نحاربه، وإن رد فنبي نتبعه، قيل: أرسلت مع هديتها خدما ذكورا على الإناث، وبالعكس ودرة عذراء، وخرزة مُعوجَّة الثقب مختبرة بنبوته بالتمييز بينهم، وثقب الدرة مستوية، وسلك خيط في الخرزة وأمر الخدم بفسل الوجه، وكان الذكر كما يأخذ الماء به وجهه، والأنثى تأخذه بيد ثم تجعله في أخرى ثم تغسل، ثم ردها كلها كما يبينه ﴿ فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ ﴾: الرسول بها ﴿ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ آتَانِيَ ٱللَّهُ ﴾: من النبوة والملك ﴿ خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ ﴾: فلا وقع لها ﴿ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ ﴾: بما يهدي إليكم، أو بهذا الإهداء ﴿ تَفْرَحُونَ ﴾: لحبكم الدنيا ﴿ ٱرْجِعْ ﴾: بالهدية ﴿ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ ﴾: طاقة ﴿ لَهُمْ بِهَا ﴾: بمقاومتها ﴿ وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ ﴾: من بلدتهم ﴿ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾: مهانون، أي: إنلم يأتوني كما مر، فلما سمعت جاءت مع عساكر كثيرة، فلما رأى فوج بلقيس من بعيد ﴿ قَالَ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾: لأختبرها ولتعرف صدقي في النبوة، قيل: كان حينئذ في بيت المقدس، وعرشها باليمن ﴿ قَالَ عِفْرِيتٌ ﴾: قوى خبيث ﴿ مِّن ٱلْجِنِّ ﴾: اسمه ذكوان أو صخر ﴿ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ﴾: مجلس قضائك، كان مجلسه من الصبح إلى الظهر ﴿ وَإِنِّي عَلَيْهِ ﴾: على حمله ﴿ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ﴾: على ما فيه، فقال: أريد أسرع ﴿ قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ ٱلْكِتَابِ ﴾: السماوي، كاتبة: آصف بن برخيا، صديق عالم بالاسم الأعظم، ويجوز اختصاص الولي بكرامة لا يشاركه فيها الرسول كرزق مريم عند زكريا، على أن الكرامة الولي معجزة لنبيه، وقيل: هو سليمان، قاله للعفريت إظهارا للمعجزة ﴿ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ﴾: إذا نظرت إلى شيء، فنظر إلى السماء فأجراه الله تحت الأرض حتى ارتفع عند كرسي سليمان قبل أن ينظر إلى الأرض ﴿ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِيۤ ﴾: ليختبرني ﴿ أَأَشْكُرُ ﴾: فأراه من فضله ﴿ أَمْ أَكْفُرُ ﴾: بما رآني مستحقا له ﴿ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ﴾: فوائده له ﴿ وَمَن كَفَرَ ﴾: نعمته ﴿ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ ﴾: عن شكره ﴿ كَرِيمٌ ﴾: بالتفضل عليه ﴿ قَالَ ﴾: سليمان ﴿ نَكِّرُواْ ﴾: غيروا ﴿ لَهَا عَرْشَهَا ﴾: بتغيير هيئته ﴿ نَنظُرْ أَتَهْتَدِيۤ ﴾: إلى عرشها ﴿ أَمْ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ ﴾: إليه من البله إذ كانت أنها جنية، والجن قالوا له: هي بلهاء، رجلها كحافر الحمار، شعْراء الساقين لتنفيره مخافة أنها تفشي أسرارهم إليه ﴿ فَلَمَّا جَآءَتْ ﴾: بعد تنكيره ﴿ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ﴾: ما جزمت لذكائها ومقابلة لتشبيههم ﴿ وَأُوتِينَا ٱلْعِلْمَ ﴾: بنُبوَّتك ﴿ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ﴾: مناقدين ﴿ وَصَدَّهَا ﴾: منعها عن الإيمان، أو صدها سليمان عن عبادة ﴿ مَا كَانَت تَّعْبُدُ ﴾: عبادتها الشمس ﴿ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ * قِيلَ لَهَا ٱدْخُلِي ٱلصَّرْحَ ﴾: قصر صَحْنهُ زجاج شفاف تحته ماء فيه كل حيوان بحري وضع سريره فيه وجلس عليه لينظر إلى سَاقيها ورجليها كَما مر ﴿ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً ﴾: ماء راكد ﴿ وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ﴾: فرآها أحسن الناس رجلا ﴿ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ ﴾: مملس ﴿ مِّن قَوارِيرَ ﴾: زجاج، فلما دعاها إلى الإسلام ﴿ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ﴾: بالّشرْك ﴿ وَأَسْلَمْتُ ﴾: موافقة ﴿ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾: ثم تزوجها وكانت معه إلى موته، وقيل: زوجها من واحد من الأذواء أي: ملوك اليمن اسمه ذو تبع ملك همدان في اليمن بسكون الميم