﴿ وَجَآءَ رَجُلٌ ﴾: مؤمن من آل فرعون اسمه حِزقيل ﴿ مِّنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ ﴾: يسرع ﴿ قَالَ يٰمُوسَىٰ إِنَّ ٱلْمَلأَ ﴾: من قوم فرعون ﴿ يَأْتَمِرُونَ ﴾: يتشاورون ﴿ بِكَ ﴾: أي: فيك ﴿ لِيَقْتُلُوكَ فَٱخْرُجْ ﴾: من البلدة ﴿ إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا ﴾: من البلدة ﴿ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ ﴾: لحوق شر ﴿ يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ * وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ ﴾: قبالة ﴿ مَدْيَنَ ﴾: قرية شعيب لم تكن تجت حكم فرعون وبينهما ثمانية أيام، وكان هناك ثلاث طرق، فتحير ﴿ قَالَ عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ ﴾: فأخذ الطريق الوسط الأعظم، وهم طلبوه من الآخرين ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ ﴾: بئرا لهم ﴿ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً ﴾: جماعة ﴿ مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ ﴾: مواشيهم ﴿ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ﴾: قبل أن يصل إليهم ﴿ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ ﴾: تمنعان غنمهما من الماء لئلا تختلط بأغنامهم اسمهما: صفروا وصفرا ﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ﴾: أي: شأنكما: لا تسقيان؟ ﴿ قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ﴾: يصرف ﴿ ٱلرِّعَآءُ ﴾: مواشهم ﴿ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾: لا يقدر على الخروج للسقي ﴿ فَسَقَىٰ لَهُمَا ﴾: مواشيهما ورفع مع تعبه وجوعه حجرا حطوه على رأس البئر لم يكن يرفعه إلا عشرة أنفس ﴿ ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ ﴾: من حر الشمس ﴿ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ ﴾: أي: لأي شيء ﴿ أَنزَلْتَ إِلَيَّ ﴾: قليلا أو كثيرا ﴿ مِنْ خَيْرٍ ﴾: طعام ﴿ فَقِيرٌ ﴾: محتاج سائل، إذ بات ثمان ليال خاويا، أو إني لما أنزلت إلى من خير الدين فقير في الدنيا، فيكون شكرا فرجعتا، وأخبرتا أباهما بما جرى فأرسل إحداهما تدعوه ﴿ فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى ٱسْتِحْيَآءٍ ﴾: تَسْتُر وجهها بكُمّ درعها وهي امرأة موسى ﴿ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ﴾: فأجابها تركا برؤية الشيخ لا للأجرة، ولذا امتنع من أكل طعامه إلى أن بين أنه ليس للأجرة، روي أنه أمرها بالمشي خلفه رأى أن الريح تكشف ساقها ﴿ فَلَمَّا جَآءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ ﴾: ما جرى، مصدر بمعنى المفعول ﴿ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ * قَالَتْ إِحْدَاهُمَا ﴾: المرسلة ﴿ يٰأَبَتِ ٱسْتَئْجِرْهُ ﴾: لرعي غنمنا ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَئْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ﴾: كما شاهدته من أمر الحجر ﴿ ٱلأَمِينُ ﴾: كما شاهدنه في المشي قدامها ﴿ قَالَ إِنِّيۤ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ﴾: تكون أجيرا لي في رعي غنمها، أشار إلى نفسه لولايته ﴿ ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ ﴾: عملت لي ﴿ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ ﴾: تفضل، والظاهر أنه استدعاء عقدة بالأجل الأول نظرا إلى شرعنا، ويمكن كونه عقدا صحيحا عندهم ﴿ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ ﴾: للتبرك ﴿ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾: في الوفاء ﴿ قَالَ ﴾: موسى ﴿ ذَلِكَ ﴾: العهد ﴿ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا ٱلأَجَلَيْنِ ﴾: المذكورين ﴿ قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ ﴾: بطلب الزيادة ﴿ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ﴾: شاهد فتزوج ثم أمر شعيب بنته بأن تعطى موسى عصا من عصيه لرعي الغنم فوقع في يدها عصا آدم، وأعطته ﴿ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ ﴾: الأطول ومكث عشرا أخر وعزم الرجوع ﴿ وَسَارَ بِأَهْلِهِ ﴾: زوجته ﴿ آنَسَ ﴾: أبصر ﴿ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَاراً ﴾: في ليلة مظلمة وقد ضل الطريق ﴿ قَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ ﴾: مر بيانه ﴿ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ ﴾: عن الطريق ﴿ أَوْ جَذْوَةٍ ﴾: عود غليظ ﴿ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴾: تستدفئون ﴿ فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِىءِ ﴾: جانب الواد ﴿ ٱلأَيْمَنِ ﴾: كما مر ﴿ فِي ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَارَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ ﴾: العناب أو العوسج ﴿ أَن يٰمُوسَىٰ إِنِّيۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾: هذا لا يخالف طه والنمل في المقصود على أنه يمكن الجمع ﴿ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ﴾: فالقاها ﴿ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ ﴾: تتحرك بسرعة ﴿ كَأَنَّهَا جَآنٌّ ﴾: حية صغيرة مع عظمها ﴿ وَلَّىٰ مُدْبِراً ﴾: خوفا ﴿ وَلَمْ يُعَقِّبْ ﴾: لك يرجع، فنودي ﴿ يٰمُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ ٱلآمِنِينَ ﴾: فرجع إلى المكان الأول ﴿ ٱسْلُكْ ﴾: أدخل ﴿ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴾: كما مر ﴿ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ ﴾: عيب ﴿ وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ ﴾: يديك المبسوطتين بإدخال اليمني تحت عضد اليسرى وعكسه ﴿ مِنَ ﴾: أجل ﴿ ٱلرَّهْبِ ﴾، أو كناية عن التَّجلُّط ﴿ فَذَانِكَ ﴾: العصا واليد ﴿ بُرْهَانَانِ ﴾: حجتان واضحتان، من برة إذا ابيض ﴿ مِن رَّبِّكَ ﴾: مرسلا ﴿ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ ﴾: بها ﴿ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً ﴾: كما مر ﴿ فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً ﴾: معينا ﴿ يُصَدِّقُنِي ﴾: يصير سبب تصديقي، فإن خبر الاثنين أوقع ﴿ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ ﴾: نقويك ﴿ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً ﴾: تسلطا ﴿ فَلاَ يَصِلُونَ ﴾: بأذي ﴿ إِلَيْكُمَا ﴾: ملتبسين ﴿ بِآيَاتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَالِبُونَ * فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا ﴾: اليد والعصا ﴿ بَيِّنَاتٍ ﴾: واضحات ﴿ قَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى ﴾: مختلق لم يسبق إليه ﴿ وَمَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا ﴾: السحر والدعوى ﴿ فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ * وَقَالَ مُوسَىٰ ﴾: هذا العطف لإظهر الفرق ﴿ رَبِّيۤ أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ ﴾: العاقبة المحمودة في ﴿ ٱلدَّارِ ﴾: تَعُمُّ الدارين ﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ * وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي ﴾: نفي العلم به بعدم جزمه بعدمه أو لإرادة نفي المعلوم كما في العلوم الفعلية كعلمه -تعالى- ﴿ فَأَوْقِدْ لِي يٰهَامَانُ عَلَى ٱلطِّينِ ﴾: ما قال: اطبخ الآجُرّ لجهلهم به، فإنه أول من صنعه ﴿ فَٱجْعَل لِّي صَرْحاً ﴾: قصرا عاليا ﴿ لَّعَلِّيۤ أَطَّلِعُ ﴾: انظر ﴿ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ ﴾: كأنه ظن بقوله: رب السموات.... إلى آخره، أنه فيها ﴿ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ ﴾: في وجوده ﴿ وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ﴾: كما مر ﴿ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ ﴾: بالعبث ﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ ﴾: طرحناهم ﴿ فِي ٱلْيَمِّ ﴾: كما مر ﴿ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ ﴾: وحذر أمتك ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ ﴾: بحملهم على الإضْلال ووصفهم به ﴿ أَئِمَّةً ﴾: قدوة للكفار ﴿ يَدْعُونَ إِلَى ﴾: موجبات ﴿ ٱلنَّارِ وَيَوْمَ ٱلْقِيامَةِ لاَ يُنصَرُونَ ﴾: بدفع عذابهم ﴿ وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً ﴾: من كل لاعن ﴿ وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ ﴾: المطرودين من الرحمة


الصفحة التالية
Icon