إلَّا آية:﴿ قُلْ يٰعِبَادِيَ ﴾[الزمر: ٥٢] لمَّا قال:﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴾[يوسف: ١٠٤] بين أنه تنزيل من الله تعالى فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ ﴾: القرآن كائن ﴿ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ ﴾: في فعله ﴿ إِنَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ ﴾: القرآن ملتبسا ﴿ بِٱلْحَقِّ فَٱعْبُدِ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ ﴾: من الشرك والرياء ﴿ أَلاَ لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلْخَالِصُ ﴾: أي: هو واجب الاختصاص بإخلاص الطاعة له، فإنه المطلع على السرائر ﴿ وَ ﴾: الكفار ﴿ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ﴾: قائلين ﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ ﴾: قربة ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ﴾: وبين الموحدين ﴿ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾: بمجازاتهم ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ﴾: لا يوفق للاهتداء ﴿ مَنْ هُوَ ﴾: في عمله تعالى ﴿ كَاذِبٌ ﴾: عليه ﴿ كَـفَّارٌ ﴾: بآياته ﴿ لَّوْ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً ﴾: كما زعموا ﴿ لاَّصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ﴾: إذ كل موجود سواه مخلوقه لكن اللازم باطلٌ لاستحالة كون المخلوق من جنس الخالق، فكذا الملزوم، وقيل: أي لاختاره من جنس ﴿ يَخْلُقُ ﴾: كل ﴿ مَا يَشَآءُ ﴾: ، وهو محال، إذ وجود ذلك محال، وأما عيسى عليه الصلاة والسلام فما كان يخلق كل ما يشاء على إنه كان يقدر الطير من الطين، ثم الله تعالى يخلقه بنفخة إظهارا لمعجزته ﴿ سُبْحَانَهُ ﴾: عن اتخاذ الولد ﴿ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ ﴾: لخلقه والوحدة تنافي المماثلة فضلاً عن التوالد، والقهارية المطلقة تنافي قبول الزوال المحوج إلى الولد ﴿ خَلَقَ ﴾: الله ﴿ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ ﴾: ملتبسا ﴿ بِٱلْحَقِّ يُكَوِّرُ ﴾: يفشى ويلف ﴿ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱللَّيْلِ ﴾: كلف اللباس للابس ﴿ وَسَخَّـرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُـلٌّ يَجْرِي لأَجَـلٍ مُّسَـمًّى ﴾: القيامة ﴿ أَلا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾: في قهر اعدائه ﴿ ٱلْغَفَّارُ ﴾: لأوليائه ﴿ خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾: آدم ﴿ ثُمَّ ﴾: للتفاوت بين الآيتين، وقيل: أخرج من ظهره ذريته كالذر، ثم خلق منه حواء ﴿ جَعَلَ مِنْهَا ﴾: من ضلعها ﴿ زَوْجَهَا ﴾: حواء ﴿ وَأَنزَلَ لَكُمْ ﴾: بأسباب سماوية ﴿ مِّنَ ٱلأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ﴾: الإبل والبقر والضأن والمعز ذكرا وأنثى ﴿ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُـمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ ﴾: حيوانا بعد عظام بعد مضغة بعد نطفة ﴿ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ ﴾: من البطن والرحم والمشيمة أو الصلب ﴿ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ ﴾: فكيف ﴿ تُصْرَفُونَ ﴾: عن عبادته ﴿ إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ ﴾: مع أنه أراده ببعضهم، والفرق بينهما: ان في الرضا شبه استحسان يعبر عنه بترك الاعتراض، وأن مراد الله تعالى كائن بخلاف مرضاته، وتقابل الإرادة بالكراهة، والرضا بالسخط، وفي قوله ﴿ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ ﴾: أي: الشكر ﴿ لَكُمْ ﴾: والرضا جزاء مؤخر عن الشرط وهو شكرنا، فلو اتحدا لزم تقدم شكرنا على إرادته القديمة ﴿ وَلاَ تَزِرُ ﴾: تحمل نفس ﴿ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ فَيُنَبِّئُكُـمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾: بجزائه ﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ﴾: أي: بما في ﴿ ٱلصُّدُورِ * وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ﴾: جنسه ﴿ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً ﴾: راجعا ﴿ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ ﴾: أعطاه ﴿ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا ﴾: من ﴿ كَانَ يَدْعُوۤ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ ﴾: وهو الله تعالى ﴿ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً ﴾: أمثالا ﴿ لِّيُضِلَّ ﴾: لام العاقبة ﴿ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً ﴾: إلى أجلك ﴿ إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ ﴾: هذا الكافر خير ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ﴾: قائم بالطاعات ﴿ آنَآءَ ﴾: ساعات ﴿ ٱلَّيلِ سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ ﴾: أي: عذابها ﴿ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾: وبتخفيف الميم بعكس التقدير ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ ﴾: وهو القانتون ﴿ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾: غيرهم أو لا يستوى الأولان كالأخيرين ﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ ﴾: بذلك ﴿ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ ﴾: العقول ﴿ قُلْ يٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ ﴾: بطاعته ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ﴾: بطاعته ﴿ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةٌ ﴾: الجنة ﴿ وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ ﴾: فهاجروا إلى حيث يتيسر في الإحسان ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ ﴾: على البلاء كالهجرة ﴿ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾: في الحديث:" لا يُنصبُ لهم الميزانُ، بل يصبُّ عليهم الأجر صَباًّ "﴿ قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ ﴾: بأن ﴿ أَعْبُدَ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ * وَأُمِرْتُ ﴾: بذلك أن، أي: ﴿ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴾: مقدمهم في الدين، فإن السبق في الدين بالإخلاص أو اللام مزيدة ﴿ قُلْ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾: مع قربتي ﴿ قُلِ ٱللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي * فَٱعْبُدُواْ مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ ﴾: أمر تهديد ﴿ قُلْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ ﴾: بالضلال إذ جعلها أهلا للعذاب ﴿ وَأَهْلِيهِمْ ﴾: بالإضلال أو بتركه الحذر ونحوها ﴿ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ * لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ ﴾: أطباق ﴿ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ﴾: فوق الآخرين ﴿ ذَلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ ﴾: ليتجنبوه ﴿ يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ ﴾: بالطاعة ﴿ وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ ﴾: الشيطان ﴿ أَن يَعْبُدُوهَا ﴾: بإطاعته ﴿ وَأَنَابُوۤاْ ﴾: أقبلو ﴿ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ ﴾: في الدارين ﴿ فَبَشِّرْ عِبَادِ * ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ ﴾: أي: فبشرهم ﴿ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ﴾: كاتباع العزائم والعفو، لا الرخص والقصاص ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ ﴾: العقول السليمة ﴿ أَ ﴾: أنت مالك أمرهم ﴿ فَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ ﴾: أي: تنقذه، كرر الهمزة تأكيدا للإنكار ﴿ لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ ﴾: محكمة كالأسافل بخلاف الدنيا ﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَعْدَ ٱللَّهِ ﴾: مصدر مؤكد لنفسه ﴿ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَلَكَهُ ﴾: أدخله ﴿ يَنَابِيعَ ﴾: أمكنه النبع ﴿ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِـيجُ ﴾: ييبس ﴿ فَـتَرَاهُ مُصْفَـرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً ﴾: فتاتا ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ ﴾: يستدل به على كمال قدرته


الصفحة التالية
Icon