﴿ وَٱلَّذِي قَالَ ﴾[الأحقاف: ١٧] إلى آخره، فلما بلغ عائشة قالت: ما هو به ولو شئت لأُسمِّي من نزلت فيه، وسياق الآية يؤديها ﴿ وَلِكُلٍّ ﴾: من الفريقين ﴿ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ ﴾: لكن للأول عالية، وللثاني سافلة، أو من التغليب ﴿ وَ ﴾: قدر لهم درجاتهم ﴿ لِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ ﴾: أي: جزاءَها ﴿ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ * وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ ﴾: في الحديث:" إن لها عينا وكلاما "وقيل: قلب مبالغة، يقال لهم: ﴿ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـٰتِكُمْ ﴾: لذائذكم ﴿ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا ﴾: فما بقيت لكم لذة ﴿ فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ ﴾: كما مر ﴿ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ﴾: وتكبر المؤمن على الكافر لإيمانه بالحق ﴿ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ * وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ ﴾: هودا ﴿ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِٱلأَحْقَافِ ﴾: أي: فيهما، وهي رمال مرتفعة مستطيلة، إذ كانوا بين رمال مشرفة على البحر في شحر اليمن ﴿ وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ ﴾: المنذرون ﴿ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ ﴾: قبله ﴿ وَمِنْ خَلْفِهِ ﴾: معترضة ﴿ أَن ﴾: بأنْ ﴿ لاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ ﴾: إذ النهي عن الشيء إنذار بمضرته ﴿ إِنَّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا ﴾: لتصرفنا ﴿ عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ ﴾: من العذاب ﴿ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ ﴾: بوقت إتيانه ﴿ عِندَ ٱللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ ﴾: إليكم ﴿ وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ ﴾: لاستعجالكم عذابا يمكن وقوعه ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ ﴾: أي: ما وعد ﴿ عَارِضاً ﴾: سحابا ﴿ مُّسْتَقْبِلَ ﴾: متوجه ﴿ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ ﴾: استبشارا ﴿ هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ﴾: فقال هود ﴿ بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ ﴾: هو ﴿ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ ﴾: تهلك ﴿ كُلَّ شَيْءٍ ﴾: من نفوسهم وأموالهم ﴿ بِأَمْرِ رَبِّهَا ﴾: فطارت بهم ومزقتهم، وقيل: أمالت عليهم الأحقاف فكانوا تحتها سبع ليال وثمانية أيام، واعتزل هود بالمؤمنين في الحظيرة ﴿ فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ ﴾: الجزاء ﴿ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ * وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَآ ﴾: في الذي ﴿ إِن ﴾: ما ﴿ مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ ﴾: مالا، وقوة، وعمرا ﴿ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً ﴾: ليشكروا بها ﴿ فَمَآ أَغْنَىٰ ﴾: دفع ﴿ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَيْءٍ ﴾: من الإغناء ﴿ إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَحَاقَ ﴾: حل ﴿ بِهم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾: من العذاب ﴿ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ ﴾: يا أهل مكة ﴿ مِّنَ ﴾: أهل ﴿ ٱلْقُرَىٰ ﴾: كما مر ﴿ وَصَرَّفْنَا ﴾: بينا، مكررا ﴿ ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾: عن ضلالهم ﴿ فَلَوْلاَ ﴾: هلا ﴿ نَصَرَهُمُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُرْبَاناً ﴾: تقربا إليهم ﴿ آلِهَةَ بَلْ ضَلُّواْ ﴾: غابوا ﴿ عَنْهُمْ ﴾: عن نصرهم يومئذ ﴿ وَذَلِكَ ﴾: الاتخاذ ﴿ إِفْكُهُمْ ﴾: صرفهم عن الحق ﴿ وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾: افتراؤهم ﴿ وَ ﴾: اذكر ﴿ إِذْ صَرَفْنَآ ﴾: أملنا ﴿ إِلَيْكَ نَفَراً ﴾: دون عشرة ﴿ مِّنَ ٱلْجِنِّ ﴾: نصيبين من اليمن، أو نينوى، حين صلى النبي صلى الله عليه وسلم الفجر ببطن النخل في انصرافه من الطائف، وكانوا سبعة أو تسعة، ومنهم زوبعة ﴿ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ ﴾: القرآن ﴿ قَالُوۤاْ أَنصِتُواْ ﴾: نسمعه ﴿ فَلَمَّا قُضِيَ ﴾: قراءته ﴿ وَلَّوْاْ ﴾: رجعوا ﴿ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ ﴾: قومهم، أو سماعهم كان مرات ﴿ قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ ﴾: ما ذكروا عيسى لأنهم كانوا من اليهود ﴿ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾: من الكتب ﴿ يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ ﴾: من العقائد ﴿ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾: من الشرائع ﴿ يٰقَوْمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ ﴾: إلى الإيمان ﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ﴾: بعض ﴿ ذُنُوبِكُمْ ﴾: وهو خالص حق الله ومظالم الحربي، وهو كانوا أهل الذمة، لتهودهم ﴿ وَيُجِرْكُمْ مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾: [أفادَ أنه - عليه الصّلاةُ والسلامُ - بُثَ إلى الجنِّ أيضًا، وما كانَ نبيٌّ قبله كذلكَ - قاله مقاتلٌ وعن ابن عباسٍ: أنَّ هامَ بن هيم بن لاَقيس بن إبليس جاءَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر أنه حضر مقتل هابيل، وكان معَ نوح وهُود ومع إبراهيم في ناره، ومع يوسف في جُبه، ومع موسى، ومع موسى، وأنه أمرني أن أقرَأ عليك السلام، وأنه تعلم التوراة والإنجيل من موسى وعيسى، ثم طلب تعلم القرآن، فعلمه عليه الصلاة والسلام عشر سُورٍ - هذا حاصل حديث أبي شيبة هل يثابُ الجن أم لا؟... على الأول، وبعضهم على الثاني، بدليل: ﴿ وَيُجِرْكُمْ مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾: ويؤيد الأول﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ ﴾[الرحمن: ٥٦] إلى آخره وبعض الأحاديث وسيأتي بيانه] ﴿ وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ ٱللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ ﴾: الله ﴿ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: فيفوته ﴿ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءُ ﴾: ينصرونه ﴿ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾: قال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ ﴾: لم يعجز ﴿ بِخَلْقِهِنَّ ﴾: إذ قدرته واجبة لا تنقص بالإيجاد ﴿ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾: ومنه البعث ﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَىٰ ٱلنَّارِ ﴾: قيل لهم: ﴿ أَلَيْسَ هَـٰذَا ﴾: العذاب ﴿ بِٱلْحَقِّ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ ﴾: أمر إهانة ﴿ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ * فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ ﴾: الثبات والصبر ﴿ مِنَ ٱلرُّسُلِ ﴾: فخرج آدم ويونس، أو أولوا الشرع الصابرون على مشاقة، كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام ﴿ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ﴾: بالعذاب، فإنه سيلحقهم ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ ﴾: من العذاب ﴿ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ ﴾: في الدنيا في ظننهم ﴿ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ ﴾: يستقصرنه لشده هو لهم، هَذَا الذي وعظهم به ﴿ بَلاَغٌ ﴾: كفايةٌ ﴿ فَهَلْ ﴾: فلا ﴿ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ ﴾: الخارجون عن الاتعاظ والطاعة.


الصفحة التالية
Icon