﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ ﴾: أبهم ليحتاط في كل ظنٍّ ﴿ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ ﴾: وهو ظن السوء بأهل الخير ﴿ إِثْمٌ ﴾: هو مَا تَستحق به العقوبة أو ما يثبط عن الثواب، قال الثوري: الظن ظنان، ما يتكلم به، وهو إثم، وما لا يتكلم به وهو ليس بإثم ﴿ وَلاَ تَجَسَّسُواْ ﴾: لا تتبعوا المعايب ﴿ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً ﴾: كمن قال في سليمان: لو بعثناه إلى بئر لغار ماؤها، والغيبة ذكره بما يكرهه ولو بغير بلفظ وإن لم يكن فيه فبهتان ﴿ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾: إن عرض عليكم، أي: أكله فأكرهوا الغيبة فإنها مثله إذ اللحم يستر على العظام، وهو كأنه يكشفه ﴿ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ ﴾: مكثر قبول توبة التائب ﴿ رَّحِيمٌ ﴾: به ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ ﴾: آدم ﴿ وَأُنْثَىٰ ﴾: حواء ﴿ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً ﴾: جمع شعب بالفتح، مجتمع القبائل ﴿ وَقَبَآئِلَ ﴾: هي مُجْتمع العمائر، وهي للْبُطُون وهيَ للأفخاذ، وهي للْفصائل، مثالها مرتبا: خُزيمة، كنانة، قريش، قَصيٌّ، هاشمٌ، عباسٌ، وقيل: بين الأفخاذ والفصائل: العشائر، أو الشعوب، لمن لا يعرف نسبته كالعجم والقبائل للعرب أو للأبعد والأقر وذكر الأعمَّ، لأنه أذهب بالافتخار ﴿ لِتَعَارَفُوۤاْ ﴾: قرابتكم، فتصلوا لا للتفاخر، إذ الفخر بالتقوى ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾: بظواهركم وبواطنكم ﴿ قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ ﴾: البدويون من بني أسد حين جاءوا طمعا في الصدقة ﴿ آمَنَّا ﴾: صدقنا بقلوبنا، وما قاتلناك كبني فلان ﴿ قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ ﴾: إذ منتكم هذه تنافي طمأنينة قلوبكم ﴿ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا ﴾: انقدنا ظاهراً ﴿ وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ ﴾: إلى الآن ﴿ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾: ولكنه يَتَوقّعُ. * تنبيه: اعلم أن الإسلام هو الانقياد الظاهر المملوك بالشهادتين عند القدرة والإقرار بما ترتب عليه، والإسلام الصحيح إنما يكون مع الإيمان والشهادتين والصلاة والزكاة والصوم والحج، وقد ينفك الإسلام الظاهر عن الإيمان كما مر بخلاف الإسلام الحقيقي فلا ينفك، لكن الإيمان الحقيقي قد ينفك عن الإسلام الحقيقي في المصدق في قلبه التارك للأعمال - والله أعلم. ﴿ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾: بالقَلب ﴿ لاَ يَلِتْكُمْ ﴾: لا ينقصكم ﴿ مِّنْ ﴾: جزاء ﴿ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً ﴾: الظاهر أن معناهك إذا أتيتم بما يليق بضعفكم من الحسنة فهو فيؤتيكم ما يليق من الجزاء كفقير أهدى تفاحة إلى ملك ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ ﴾: لضعف عقيدتهم، فيه إشارة إلى موجب نفي إيمانهم ﴿ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ ﴾: في الإيمان ﴿ قُلْ أَتُعَلِّمُونَ ﴾: تُخْبرون ﴿ ٱللَّهَ بِدِينِكُمْ ﴾ بقولكم: آمنّا ﴿ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ ﴾: بأن ﴿ أَسْلَمُواْ ﴾: بلا قتال، أفاد أن الذي عبروا عنه بالإيمان هو الإسلام حقيقة، وأفاد بقوله ﴿ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ ﴾: أي: لإسلامكم أنه غير معتد به، بل إسلامٌ يليق بأمثالهم ﴿ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ ﴾: بأن ﴿ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾: فيه فله المِنَّةُ عليكم ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾: فكيف يخفى على دينكم - والله أعْلَمُ.


الصفحة التالية
Icon