﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ بنحو الكفر وافشاء سر المسلمين في الكفار ﴿ قَالُوۤاْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴾ نداري المؤمنين والكفار اصلاحاٍ بينهما، والفساد: الخروج عن الإعتدال، والصلاح ضده، ويعمان كُلَّ ضُرٍّ وَنَفْع ﴿ أَلاۤ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْمُفْسِدُونَ وَلَـٰكِن لاَّ يَشْعُرُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَآ آمَنَ ٱلنَّاسُ ﴾ الصَّحَابةُ، دَلَّ على قيول توبة الزنديق، وَهُوَ مُظْهِرُ الإسْلاَم مبطن الكفر ﴿ قَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ ٱلسُّفَهَآءُ ﴾ أي: الناس، والسَّفَهُ: خِفِّةُ الرَّأْي، ويقابله الحلم ﴿ أَلاۤ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَـٰكِن لاَّ يَعْلَمُونَ ﴾ خَصَّهُ بالعلم لاحتياج الفرق بين الحق والباطل إلى مزيد نظر بخلاف قيح النفاق فإنه يُعْرَفُ بأدنى شعور ﴿ وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ ﴾ انفردوا ﴿ إِلَىٰ ﴾ مَعَ ﴿ شَيَاطِينِهِمْ ﴾.
من أصحابهم ﴿ قَالُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ ﴾ في الدين ﴿ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ ﴾ لاعبون بالمؤمنين، والجملتان قصة واحدة لبيان نفاقهم فلا تكرار ﴿ ٱللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ﴾ أراد غايته كَمَا مَرَّ أو جَزَاءَهُ، و أشار بالمضارع إلى تجدده، ومنه:﴿ أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾[التوبة: ١٢٦] ﴿ وَيَمُدُّهُمْ ﴾ يزيدهم ويقويهم ﴿ فِي طُغْيَانِهِمْ ﴾ غلوهم في الكفر ﴿ يَعْمَهُونَ ﴾ يتحيرون، العمهُ: عدم الدراية بسلوك الطريق والمعتزلة [يمنعهم إسناد القبيح إليه -تعالى-] يؤلون الآية [ ونظائرها بمَجَازاتً بعيدةً، جاهلين بأن لا قبيح بالنسبة إليه -تعالى- فلا يتصور في افعاله ظلم إذ له التصرف في ملكه كيف يشاء وإنما يوصف به وبأمثاله أفعالنا باعتبار كسبنا وقيامها بنا فقط -كما سيأتي- ولا يجوز صرف الكلام عن ظاهره إلَّا ببُرْهانٍ يمنعه كَمَا بُيِّن في موضعه -والله أعلم].


الصفحة التالية
Icon