لما بين كيفيَّة خلقنا أمرنا بتنزيه الخالق شكرا فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * سَبِّحِ ﴾ نَزَّه ﴿ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ ﴾: عن الإلحاد كما مر في الأعراف، أو ذاته عن النقائص، ويُسْتحبُّ حينئذٍ قول: سبحان ربي الأعلى ﴿ ٱلَّذِي خَلَقَ ﴾: الخلق ﴿ فَسَوَّىٰ ﴾: خلقه غير متفاوت كما مر ﴿ وَٱلَّذِي قَدَّرَ ﴾: الأشياء على مقتضى حكمته ﴿ فَهَدَىٰ ﴾: إلى مصالحها ﴿ وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ ﴾: العشب للدواب ﴿ فَجَعَلَهُ ﴾: بعد خضرته ﴿ غُثَآءً ﴾: يابسا ﴿ أَحْوَىٰ ﴾: أسود باليا ﴿ سَنُقْرِئُكَ ﴾: سنؤهلك للقراءة ﴿ فَلاَ تَنسَىٰ ﴾: الموحى إليك مع أنك أمي، فتكون آية أخرى، وبعده ما نسيَهُ صلى الله عليه وسلم ﴿ إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ ﴾: نسيانه بنسخ تلاوته، أو إلا نادرا كما نسى في الصلاة ﴿ إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ ﴾: أي: جهرك بالقراءة مع جبريل ﴿ وَمَا يَخْفَىٰ ﴾: كخوفك نسيانه ﴿ وَنُيَسِّرُكَ ﴾: أي: نعدك ﴿ لِلْيُسْرَىٰ ﴾: أي: لأيسر طرق حفظ الوحي ﴿ فَذَكِّرْ ﴾: بالقرآن ﴿ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ ﴾: فإذا أيست فلا تتعب، والتذكير تكثير الإنذار وتكريره ﴿ سَيَذَّكَّرُ ﴾: سيتعظ ﴿ مَن يَخْشَىٰ ﴾: فإنه يتفكر فيهما ﴿ وَيَتَجَنَّبُهَا ﴾: أي: يبعد عنها ﴿ ٱلأَشْقَى ﴾: في علم الله تعالى، وهو الكافر ﴿ ٱلَّذِى يَصْلَى ﴾: يدخل ﴿ ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ ﴾: أي جهنم، فإن نار الدنيا جزء من سبعين جُزْءاً منها ﴿ ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا ﴾: فيستريح ﴿ وَلاَ يَحْيَا ﴾: حياة تتفعه ﴿ قَدْ أَفْلَحَ ﴾: أي: فاز ﴿ مَن تَزَكَّىٰ ﴾: تطهر من الشرك والمعاصي، وقيل: أدى زكاة الفطر ﴿ وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ ﴾: دائما، أو تكبير العيد في طريق المصلى ﴿ فَصَلَّىٰ ﴾: الخمس أو العيد، والعيد والفطر شرعا بالمدينة لكن يجوز تقديم النزول على الحكم نحو: وأنت حل ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ ﴾: تختارون ﴿ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا ﴾: فتتركون ما ينفعكم في العُقْبى ﴿ وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ ﴾ لأن نعيمها يلذ بالذات ﴿ وَأَبْقَىٰ * إِنَّ هَـٰذَا ﴾: يعني السورة، أو من: قَدْ أفلح إلى هنا ﴿ لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ ﴾: المنزلة قبل القرآن ﴿ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ ﴾: أنزل الله تعالى مائةً وأربعة كتب، عَشْرُ صُحفٍ على آدم، وخمسون صحيفة على شِيْثٍ، وثلاثون على إدريس، وعشرة على إبرايهم، والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان، والله تعالى أعلم.