لَمَّا قال له:﴿ فَذَكِّرْ ﴾[الأعلى: ٩] إلى آخره، أَتْبعهُ بذكر الغاشيةِ وأهوالها فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * هَلْ أَتَاكَ ﴾: أي: قَدْ أتاك ﴿ حَدِيثُ ﴾: القيامة ﴿ ٱلْغَاشِيَةِ ﴾: للخلائق بشدائدها ﴿ وُجُوهٌ ﴾: أي: أصحابها ﴿ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ﴾: ذليلة ﴿ عَامِلَةٌ ﴾: في الدنيا ﴿ نَّاصِبَةٌ ﴾: ذات نصب وتعب فيها بما لا ينفعها كالبمتدعة والرُّهبان، جاء شيخ كبيرٌ راهبٌ إلى عُمر رضي الله تعالى عنه في الشَّام، فبكى عمر وقال: هذا المسكين طلب أمرا فلم يصبه ورجا رجاء فأخطأ، وقرأ الآية ﴿ تَصْلَىٰ ﴾: تدخل ﴿ نَاراً حَامِيَةً ﴾: متناهية الحر أو دائمة ﴿ تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ﴾: أي: شديدة الغليان ﴿ لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ ﴾: من النار، وهو شوك يابس لا ترعاه دابة لخبثه، واسم رطبة شِبْق، والزقومُ والغسلين طعام آخرين كما مر ﴿ لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ ﴾: وهما فائدة الطعام ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ ﴾: ذات نعمة ﴿ لِّسَعْيِهَا ﴾: في الدنيا ﴿ رَاضِيَةٌ ﴾: لجزيل ثوابه ﴿ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً ﴾: لغوا ﴿ فِيهَا عَيْنٌ ﴾: عظيمة ﴿ جَارِيَةٌ ﴾: بأنواع الأشربة اللذيذة ﴿ فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ ﴾: سمكاً وقَدراً ﴿ وَأَكْوَابٌ ﴾: أوان بلا عرى ﴿ مَّوْضُوعَةٌ ﴾: عندهم ﴿ وَنَمَارِقُ ﴾: وسَائدُ ﴿ مَصْفُوفَةٌ ﴾: بعضها بجنب بعض ﴿ وَزَرَابِيُّ ﴾: بسط فاخرة عريضة ﴿ مَبْثُوثَةٌ ﴾: مبسوطة ﴿ أَفَلاَ يَنظُرُونَ ﴾: أي: قريش ﴿ إِلَى ٱلإِبْلِ ﴾: أي: في هيئتها وقوتها ومنافعها ﴿ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ ﴾: بلا عمد ﴿ وَإِلَىٰ ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ﴾: راسخة ﴿ وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ﴾: بسطت، خصها لأن العرب يكثرون السفر عليها في القفار منفردين، فلم يروا عندهم إلاَّ إبلاً، وفوقهم السماء وحواليهم الجبال وتحتهم الأرض، وليس معهم الشاعل فلا بد لهم من تفكر ﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ﴾: أي: مسلط فتقتلم، ونُخس بالقتال ﴿ إِلاَّ ﴾: لكن ﴿ مَن تَوَلَّىٰ ﴾: عن التذكر ﴿ وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلْعَذَابَ ٱلأَكْبَرَ ﴾: بجهنم، واصغره تسلط المسلمين عليهم ﴿ إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ ﴾: أي: رجوعهم ﴿ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾: قدم الخبر مبالغةً في الوعيد.


الصفحة التالية
Icon