غيرُ معصومين، وأنّه يجوز عليهم الكذبُ والتبديلُ والتغيير والتحريف على
الإمام والشهود والأغفال.
ثم يقال لهم: أيُّ فائدةٍ ونفعٍ في إيداعِ صحيح القرآن إماما غائباً لا يقدر
على إزالة جهالة، ولا إيضاح حجة، ولا كشفِ نقمة، ولا تجديدِ نعمة، ولا رد مظلمة، ولا يوصلُ إليه ولا يُعرَف له دار ولا قرار، ولا تقدَّم منه قُبيل غَيبتِه بيانُ ما عنده، فيكونُ ذلك عذراً وغيرَ مُضرّ بالعباد غَيبتُه وتقيته.
وإن قالوا: هذا أجمع لازم لكم في تجويز تُقية الرسول - ﷺ - وقت غيبته واختفائه في الغار، يقال لهم: ولا سواء، لأننا نحن إنما أجزنا تقيةَ الرسول - ﷺ - بعد تقدُّم بيانه وإيضاحِ ما حُمِّله وكثرة صبره على الأذى والمكاره، ومناظرته وتركه دعاةً إلى دينه ومباينين لمخالفيه، وإن كانوا تحت الضَّيم والغَلَبة، ومنهم أميرُ المؤمنين عمر بنُ الخطاب الذي يقول: "والله لا يُعبَدُ الله سرّا بعدَ اليوم " صلوات الله عليهم، ويقول لهم: "لو بلغت عدتنا مائةً لعلمتُم أنكم تتركونها لنا أو نترُكُها لكم " يعني مكة، وأنه كان ينصِبُ الحربَ معهم بمائة، ويقول لهم في جموعِهم يومَ هجرته ووقتَ غَيبة الرسول عليه السلام: "شاهت الوجوه، لا يُرغِمُ اللهُ إلا هذه المعاطِس، ألا مَن أرادَ أن يُرفَل زوجته ويُوتم ولدَهُ فليلحقْ بي وراءَ هذا الوادي "، ثم يخرج عنهم مهاجراً مُعِدّاً شاكياً في سلاحه.
فلو تُوفي رسولُ الله - ﷺ - في الغار لم يكن بقيَ عليه شي لا يحتاج إلى إنفاذٍ وبيان، وليست هذه حال إمامكم ولا صفته، لأنه لم يتقدم منه بيان ولا إعداد، فشتّان بيننا وبينكم.
فإن قالوا: أفليس القرآنُ عندَكم محفوظاً والشرع أيضاً كذلك، وقد
أُدخل في تأويل القرآن وفي أحكام الشرع ما ليس منه، وأُخرج منه بعض ما