الله ومن رسوله في الحثِّ عليه والتفضيلِ لقرأته ما حكيناه من حالهم في
إعظامِه وإعظامِ أهله ما وصفناه.
وهم مع ذلك لم يحولوا طولَ تلك الأيام عن صفتهم، ولا ارتدوا عن
دينهم، ولا لحقهم عناءٌ ولا فتورٌ في طاعة ربهم، ونُصرة نبيهم، وحُسن
الإصغاءِ والإنصاتِ لما يورده عليهم، ويأخذُهم بحفظِه، ويأمرُهم بحياطتِه.
بل يزدادون في كل يوم بصيرةً وتيفناً وتمسُّكاً بطاعة الله تعالى وتثبيتاً.
وبذلك وصفهم الله تعالى في غير موضعٍ من كتابه وعلى لسان رسوله، فمن
أي ناحيةٍ يتجه عليهم الظنّةُ في تضييع القرآن وإهمالِه والذهابِ عن تأليفه
وترتيبه واستجازةِ تغييره وتبديلِه والزيادةِ فيه والنقصانِ منه لولا قلةُ الدين
والذهاب عن التحصيل؟!
ولقد اتسع حفظُ القرآن في الناس في زمن عمرَ بن الخطاب رضوانُ الله عليه وكثر حُفاظه، والقائمون به، والتالون له، حتى إنه
كان لهم في ذلك هَيعةٌ وضجةٌ وأمرٌ عظيمٌ مشهور.
وروى عبدُ الرزاق عن مَعمرٍ عن ابن سِيرِين قال:


الصفحة التالية
Icon